بعض المشاريع تختارها أنت، ومشاريع أخرى هي التي تختارك. هذا المشروع هو من النوع الثاني. لم يُكلّفني به أحد، ولم يُخطط له أو يُخصص له ميزانية. بل خرج من أعماق قلبي، من سلالتي، ومن حوارات طويلة مع أبي، ومن الصمت الذي رافقه بعدما توقف العالم عن الاستماع له. إنه أكثر من موقع إلكتروني؛ إنه قبيلة، إنه عودة للوطن، واسمه abimelech.org وهو الآن متاح بنسخته التجريبية الأولى.
هذا المشروع مختلف عن كل شيء قمت به في حياتي. فهو ليس مشروعًا لعميل، ولا إطلاقًا لمنتج جديد، ولا عرضًا تقديميًا لجهةٍ ما. هو أمر شخصي للغاية، لكن مبني على قيم واضحة. أنا لا أسعى من خلاله لإثارة الكراهية أو رسم خطوط في الرمال بدافع الغضب. بنيته احترامًا للذاكرة وللشفاء، من أجل تاريخ عائلتي وأهلي. صحيح أني ما زلت أعمل في الاستشارات التقنية وهندسة المؤسسات—فهذا المشروع لا يدفع الفواتير بعد—لكنه يغذي شيئًا أعمق في نفسي. ربما مع الدعم المناسب، سينمو ويحقق الهدفين معًا.
هويتنا: كنعانية. لسنا عربًا، ولسنا مستعمَرين.
انطلق هذا المشروع من حاجة ملحّة للتعبير عن شيءٍ لم يُقل بطريقة صحيحة من قبل. لعقود طويلة، جرى تسطيح الهوية الفلسطينية إلى خانة سياسية محدودة، وكأننا جميعًا جئنا من نفس المكان، بنفس القصة وفي نفس الوقت. لكن الحقيقة أعمق من مجرد شعارات سياسية أو أرقام إحصائية.
نحن قبيلة أَبِيمِيليْك—جذورنا تسبق الخرائط والتقسيمات الحديثة. ننتسب لأَبِيمِيليْك، ابن كنعان، الذي ورد اسمه في النصوص القديمة وظل حاضرًا في الذاكرة الشعبية. جذورنا ممتدة في رجل ارتبط بهذه الأرض، وتزوج من سكان التلال، وأنجب أبناءً ظل أحفادهم يتجولون في هذه الأرض حتى اليوم.
عشنا نكبة عام 1948.
عشنا الصمت المفروض علينا، وعشنا تجاهل أسمائنا وهويتنا.
لكننا ما زلنا هنا.
تنقلنا بين بئر السبع وغزة والقدس وحيفا وممرات الصحراء وصولًا لوادي موسى بالأردن. لم نصل من أي مكان آخر، بل بقينا هنا دومًا.
لسنا مهاجرين عرب.
لسنا نتاجًا للاستعمار.
نحن السكان الأصليون لهذه الأرض.
ورغم عمق جذورنا، جعل العالم نسيانها سهلًا. دون مكان واضح يحتفظ بقصتنا، كانت هويتنا دائمًا معرضة للتشويه والنسيان. هذا المشروع طريقتي لرفض ذلك الواقع، واختيار الذاكرة على الصمت، والبقاء على الفقدان.
ما قمت ببنائه: عندما تلتقي التكنولوجيا بتاريخ الأجداد
بين الحجر والسماء، نعيد اليوم بناء الروابط التي حاول الاستعمار تفكيكها. هذا المشروع عن الأرض والذاكرة وقوة العودة الواعية.
عملت لسنوات كمهندس تقني واستشاري في مشاريع مايكروسوفت، وكان ذلك جيدًا لتأمين معيشتي، لكنه لم يكن كافيًا. لطالما حلمت ببناء شيء لنا—لشعبي الذي لم يمتلك من قبل أي قاعدة بيانات أو أرشيف أو نظام يحفظ هويتنا وتاريخنا.
فقررت بناءه.
بعد شهور من التصميم، الدراسة، البرمجة، والعزم الصامت، وُلد موقع abimelech.org. ليس مجرد صفحة على الإنترنت، بل منزل رقمي لقبيلة أُزيلت من معظم السجلات الرسمية، لكنها بقيت حية في الدم والذاكرة.
الموقع يحتوي على:
🌍 محتوى متوفر بعدة لغات (الإنجليزية، العربية، العبرية والألمانية) على بنية تقنية حديثة.
🧬 نظام عضوية يتضمن ثلاث فئات:
عضو القبيلة: لأبناء القبيلة وأحفادهم.
الصديق: لمن يسيرون معنا ويتضامنون معنا.
الداعم: لمن يرغبون بمساعدتنا على النهوض والتوسع.
كل فئة من هذه العضويات لها معنى حقيقي، وليست مجرد ميزات ترفيهية. تمثل هذه العضويات كيف يمكن للآخرين مشاركتنا الحضور، والبقاء بجانبنا في قضيتنا.
💳 منصة للتبرعات من خلال صندوق "إطلاق قبيلة أَبِيمِيليْك"، لنزرع بذورًا رقمية تساعدنا على تحقيق السلام والتنمية في أرض الواقع.
🔒 لوحة تحكم خاصة ونموذج للتحقق من الهوية يضمن الخصوصية والكرامة بعيدًا عن أي استغلال.
ما بدأ كموقع بسيط تحوّل إلى وعاء جامع. صحيح أني ما زلت أعمل في الاستشارات التقنية، لكن هذا المشروع ليس مجرد منصة تقنية؛ بل هو بنية تحتية رقمية لشعب لم يكن يمتلك واحدة من قبل. ما بدأ بجهد فردي، أصبح الآن لنا جميعًا.
لماذا يهم هذا المشروع؟ لأن الهوية ليست رفاهية
فجر جديد يسطع فوق أحجار قديمة—مشروع 33 لا يمثّل عودة لجذوري الشخصية فقط، بل هو بداية شيء سيفتخر به الأجيال القادمة.
الحكومات قد تصدر لنا هويات كأنها تراخيص، لكننا قررنا أننا لسنا بحاجة لإذن من أحد لنثبت وجودنا. نحن موجودون لأننا نتذكر من نحن، لأن آباءنا وأجدادنا لم ينسوا من هم.
هذا المشروع ليس مجرد تقنيات، وليس مجرد شيء جديد.
إنه منصة للعودة والاتصال من جديد.
إنه مساحة للشفاء عبر الأجيال.
هو مكان نقول فيه بصوت واضح: "لن ننتظر إذنًا من أحد بعد الآن".
لا نطلب إضافتنا لقوائم الآخرين.
بل نبني سجلّنا الخاص بنا.
ما هي الخطوة القادمة: انضم إلينا
عند بئر أجدادنا نتذكر ما نسيه العالم. هنا ترسم الهوية من الحجر، من الأرض، ومن الذاكرة، وليس من الوثائق الرسمية.
العمل القادم عميق ويمتد عبر أجيال عديدة. لذلك ندعوكم لمساندتنا—ليس كصدقة، بل كفعل مقاومة للنسيان والتزام مشترك للبقاء.
انضم كعضو في القبيلة إذا كانت عائلتك تتصل أَبِيمِيليْك (فروع الحسنات وأبو معيلق).
كن صديقًا أو داعمًا إذا شعرت بأهمية القضية.
قدم تبرعات مباشرة عبر صندوق الإطلاق.
تعاون معنا في البحث أو في المبادرات الثقافية والقانونية.
هذه الأموال سنستخدمها لأبحاث الأنساب والتاريخ، وتنظيم لقاءات عائلية، والسعي للاعتراف القانوني بالقبيلة وأرضها، وأخيرًا إنشاء سجل رقمي آمن (بلوكتشين) يحفظ سجلاتنا دون تدخل خارجي.
هذا المشروع ليس للانتشار السريع، بل للبقاء الحقيقي.
كلمة شخصية
هذا المشروع لوالدي. لأمانته وصمته وحبه لهذه الأرض ولهذا الشعب. إنه لأجيال مضت لم تمتلك لوحات مفاتيح، ولشباب اليوم ذوي الجذور المتناثرة. إنه لنا، من نودينا بكل الأسماء سوى أسمائنا الحقيقية.
خسرت وظائف، وتم التضييق عليّ، ومراقبتي، لكنني بنيته. بنيته بالكود والحب، ليس لأن لدي وقتًا، بل لأنني فقدت كل عذر يمنعني من بنائه. عندما أغلقوا الأبواب، شققت طريقًا. عندما ازداد الصمت، كتبت كودًا. وعندما حاولوا تصغيري، صنعت شيئًا يحملنا جميعًا.
كلمة أخيرة
الاسم يحمل كل شيء: الدم، الذاكرة، الصمود، والجغرافيا. اسمي الكامل لم يعد مخفيًا أو مختصرًا. أصبح جزءًا من الأرشيف، والقصة التي أستعيدها. اسمي الكامل:
سوسوني عبد الكريم باجس عبد الكريم حسين حاج خليل شيخ أحمد مقبل صقر حسّانت – أبيمالك
تجدونه الآن على abimelech.org، مع آخرين يستيقظون لحقيقة من كانوا دومًا.
هذا مشروع 33.
إنها بداية، وعودة، ومفتوحة لمن يريد مرافقتنا.
لنصنع التاريخ، لأننا نحن التاريخ أصلًا.
ليس هذا عن الماضي فقط، بل استعادة المستقبل كله.