تشير أقدم السجلات التاريخية المرتبطة بالمجموعات العائلية التي تمثلها منصة قبيلة أبيمالك، مثل عشيرة حسنات أبو معليق، إلى وجود طويل الأمد في مدينة جرار التاريخية، وهي دولة-مدينة قديمة تقع ضمن الأراضي الجنوبية الغربية لما يُعرف اليوم بدولة إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحديدًا في منطقة بئر السبع وغزة وما حولهما من محليات.
تؤكد الاكتشافات الأثرية والوثائق التاريخية والخرائط التي تعود إلى نقوش مصرية، بالإضافة إلى السجلات الإدارية والخرائط من العصور الرومانية والبيزنطية والإسلامية المبكرة والعثمانية، بشكل مستمر على أن منطقة جرار كانت مركزًا حضريًا زراعيًا مهمًا يتمتع بالحكم الذاتي، مع أدلة على الاستيطان المستمر منذ العصر البرونزي على الأقل.
وعلى مدار تاريخها الموثق، حافظت القبيلة على هياكل سياسية واجتماعية منظمة تغطي منطقة واسعة تمتد من بئر السبع غربًا نحو غزة وشمالًا نحو الخليل، مما شكل وحدة مجتمعية أصلية مستقرة وقادرة على الدخول في علاقات دبلوماسية واتفاقيات رسمية مع المجتمعات والجهات المجاورة.
وخلال العصور الرومانية والبيزنطية، تم الاعتراف بالمنطقة إداريًا باسم "سالطوس جراريتيكوس" (Saltus Gerariticus)، مما يؤكد استمرارية الاستيطان والحكم الذاتي المنظم لقبيلة أبيمالك داخل حدود إقليمية محددة بوضوح لأكثر من ألفي عام. وعلى الرغم من تغير هذه الحدود جزئيًا بفعل ضغوط خارجية، فقد حافظت على استمراريتها العامة خلال الإمبراطوريات المتعاقبة، بما في ذلك الحقبة الإدارية العثمانية، حيث تم توثيق القوانين العرفية المحلية وهياكل الحكم القبلي من قبل السلطات العثمانية ومن ثم من قبل مسؤولي الانتداب البريطاني.
الاتصال والضغوط الخارجية والتعديات الإقليمية
في الحقبة الحديثة المبكرة، ومع توسع السيطرة الإدارية العثمانية، تفاوضت القبيلة على قدر من الحكم الذاتي من خلال أنظمة القانون القبلي والاعتراف غير الرسمي من قبل السلطات العثمانية الإقليمية. إلا أن أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين شهدا تحولات كبيرة نتيجة لإعادة تشكيل القوى الإمبراطورية وتزايد التدخل الأوروبي. وقد أدخلت فترة الانتداب البريطاني (1917–1948) اضطرابات جذرية، حيث فرضت القوانين والأنظمة الخارجية تصنيفات جديدة للملكية، والجنسية، والهوية. وقد أدت هذه التصنيفات المفروضة إلى تعطيل كبير للهياكل الحاكمة التقليدية للقبيلة ونظم استخدام الأرض. وتشير السجلات التاريخية، بما في ذلك تقارير المساحين البريطانيين والمؤرخين المحليين والموسوعات، إلى توثيق دقيق للأراضي القبلية ونظم الحيازة والعادات الاجتماعية، مما يوفر دليلًا واضحًا على استمرار الوجود والحكم القبلي حتى منتصف القرن العشرين.
التهجير القسري والمحو والاقتلاع
مثّل عام 1948 نقطة تحول كارثية في تاريخ قبيلة أبيمالك. فمع إنشاء دولة إسرائيل، استهدفت العمليات العسكرية بشكل مباشر تجمعات القبيلة، بما في ذلك خربة جرار، خربة أبو معليق، وادي جرار، والمناطق المحيطة مثل خربة السبالة وغيرها. توثق الأدلة الأرشيفية والشهادات الشخصية والتحليلات التاريخية من قبل باحثين مثل إيلان بابيه حملات تهجير منهجية شملت اعتداءات مباشرة على البنية التحتية القبلية، لا سيما مصادر المياه الحيوية. فقد تم استهداف الآبار والإمدادات المائية الحيوية لبقاء القبيلة بشكل متعمد وتلويثها أو تحويلها ضمن استراتيجيات عسكرية أوسع تهدف إلى تقويض القدرة المحلية على الصمود. وعلى الرغم من محاولة أفراد القبيلة الدفاع عن أراضيهم والحفاظ على إمكانية الوصول إلى الموارد الأساسية، إلا أن العنف الهائل الموجه ضد مجتمعاتهم، بما في ذلك استخدام الأسلحة الثقيلة في مناطق مأهولة بالمدنيين، جعل من الصعب الاستمرار في المقاومة. ونتيجة لذلك، اضطرت القبيلة إلى البحث عن المأوى واللجوء في أماكن أخرى، أبرزها قطاع غزة، حيث عانت العائلات لاحقًا من ظروف النزوح واللجوء الطويلة.
أما من بقي، فقد واجه النقل القسري إلى ما يسمى "المناطق العسكرية"، أبرزها منطقة السجاع، أو أُعيد توطينهم في "بلدات بدوية" جديدة، وهي مناطق تتميز بفرض قيود صارمة على الحركة واستخدام الأرض والاستقلال السياسي. وعلى عكس العديد من الشعوب الأصلية المعترف بها دوليًا، لم تحظ قبيلة أبيمالك حتى اليوم بأي اعتراف رسمي أو إجراءات تعويضية أو استعادة للحقوق من قبل السلطات الرسمية أو الدولية.
النضال القانوني المعاصر وإنكار الاعتراف
وعلى عكس قبائل أصلية أخرى حول العالم مثل الشيروكي، لاكوتا، أو الميكماك، التي حصلت على درجات متفاوتة من السيادة وحقوق الأراضي والتعويض، بقيت قبيلة أبيمالك غير معترف بها بشكل منهجي من قبل السلطات. ففي إطار القانون الإسرائيلي المعاصر، تُصنف أراضي القبيلة بأنها "أراضي دولة"، وغالبًا ما تُوصف تجمعاتها السكنية بأنها "قرى غير معترف بها"، تواجه عمليات هدم متكررة وحرمانًا من الخدمات الأساسية. وعلى الرغم من وجود توثيق تاريخي واضح للاحتلال المستمر وهياكل الحكم القبلي المعترف بها، لا تزال القبيلة تصنف بشكل عام وغير دقيق تحت فئة "البدو العرب"، وهو تصنيف ينفي سلالة القبيلة التاريخية المحددة وادعاءاتها الإقليمية المرتكزة إلى جذورها في جرار القديمة.
الأطر الدولية لحقوق السكان الأصليين
في العقود الأخيرة، وضعت المعايير القانونية الدولية بوضوح حقوق الشعوب الأصلية، بما في ذلك إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية (UNDRIP) الذي أُقر عام 2007. وتكفل هذه الأطر الدولية حق الشعوب الأصلية في تقرير المصير، والحفاظ على التراث الثقافي، والسيطرة على الأراضي الموروثة، والحفاظ على المؤسسات السياسية والاجتماعية. وفي حين بدأت دول مثل الولايات المتحدة، كندا، نيوزيلندا، وأستراليا باتخاذ خطوات رسمية نحو الاعتراف والتعويض وتحقيق العدالة التصالحية لشعوبها الأصلية، لا تزال قبيلة أبيمالك تواجه إنكارًا متواصلًا لهذه الحقوق. فالأطر القانونية والسياسية الحالية، سواء داخل إسرائيل أو على الصعيد الدولي، لم تعترف بعد بمطالب القبيلة التاريخية أو بوضعها كسكان أصليين.
دعوة للاعتراف والحماية
يُعد هذا السرد التاريخي بمثابة تأكيد رسمي على استمرارية وجود قبيلة أبيمالك كجماعة أصلية، وحقها في الأراضي، وهويتها السياسية. كما يُمثل نداءً قائمًا على البحث الأكاديمي والمجتمعي موجهًا إلى السلطات الرسمية، والباحثين الأكاديميين، والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان، والهيئات التشريعية ذات الصلة، يدعوهم للاعتراف رسميًا بوضع القبيلة كسكان أصليين وبحقوقهم المتأصلة. ويُعد هذا الاعتراف ضروريًا للشروع في عمليات الحماية القانونية، والحفاظ على التراث الثقافي، وتحقيق العدالة التصالحية وفقًا للأطر المعترف بها عالميًا لحقوق السكان الأصليين.
إن الاعتراف بالمطالب الأصلية للقبيلة يُشكل خطوة ضرورية لمعالجة ليس فقط المظالم التاريخية، ولكن أيضًا الأزمة المستمرة المتمثلة في التهجير والتهميش في غزة. حيث تواجه قبيلة أبيمالك اليوم خطر الانقراض في موطنها الأصلي، نتيجة لعقود من التهجير المنهجي، والسياسات الاستيطانية المقيدة، وحرمان الموارد، والإهمال المؤسسي. وقد توفي العديد من أفراد العائلات المرتبطة بالقبيلة في الحرب على غزة، أو أُجبروا على النزوح أو العيش في ظروف تعرقل بشدة قدرتهم على الحفاظ على أنماط حياتهم التقليدية. وقد أدى هذا النزوح الطويل إلى تعطيل البنى الاجتماعية للقبيلة، وتعريض ممارساتها الثقافية للخطر، وتفكك الروابط الأسرية. يمكن الاطلاع على مزيد من المعلومات حول تاريخ العائلات وتفاصيل النسب والسياق المجتمعي الأوسع على abimelech.org/about/families.
ولا يُعد هذا النداء للاعتراف نداءً رمزيًا فحسب، بل يهدف إلى إحداث إصلاحات عملية وهيكلية. فالتقدير الرسمي سيكفل حماية الأراضي التقليدية، والحفاظ على التراث الثقافي، واستعادة الاستقلالية القبلية، وهي حقوق أساسية تم الاعتراف بها وتنفيذها بالفعل في سياقات أخرى عالميًا. وتُعد هذه التدابير ضرورية لبقاء القبيلة واستمرارية ثقافتها، حيث تم توثيق وجودها وحكمها التاريخي في المنطقة توثيقًا علميًا وتاريخيًا دقيقًا.
وللأفراد والباحثين والمدافعين وأعضاء المجتمع الدولي الراغبين في دعم جهود منصة قبيلة أبيمالك نحو الاعتراف والحفاظ على القبيلة، تتوفر طرق منظمة للمشاركة. يمكن الانضمام إلى المنصة القبلية كعضو قبلي رسمي أو كصديق أو داعم من خلال زيارة abimelech.org/join. كما يمكن تقديم المساهمات الفردية أو الدعم الفوري للحفاظ على التراث القبلي وتعزيز صمود المجتمع عبر abimelech.org/support أو من خلال منصة GoFundMe.
ويتوافق هذا النداء للاعتراف بقبيلة أبيمالك مع المعايير القانونية الدولية ومبادئ حقوق الشعوب الأصلية المعترف بها على نطاق واسع. فالتقدير والحماية يشكلان تصحيحًا ضروريًا لتجاوزات الماضي وظلم الحاضر. ومن الضروري، إذًا، أن تحظى هذه القبيلة بالاعتراف الرسمي كخطوة عادلة نحو تصحيح التهميش التاريخي والراهن، وضمان بقائها واستقلالها وأمنها داخل أراضيها الموروثة.