بيان صحفي صادر عن منصة قَبِيلَةُ أَبِيمِيليْك
للنشر الفوري
التاريخ: 22 تموز 2025
الموضوع: دعوة لتدخل الأمم المتحدة لحماية حقوق البدو الأصليين بموجب إعلان حقوق الشعوب الأصلية
تنعى منصة قَبِيلَةُ أَبِيمِيليْك، وهي تمثل أقدم اتحاد قبلي لعائلات السكان الأصليين في فلسطين، وبالوقوف صفًا واحدًا مع القبائل البدوية الأخرى المعترف بها في النقب وغزة والضفة الغربية، الوفاة المأساوية والقابلة للتجنب لأحمد الحسنات، أحد أفراد قبيلة الحسنات أبو معيليّق، الذي توفي جراء سوء التغذية الحاد في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، غزة، في 22 يوليو 2025. وفاته ليست مجرد مأساة لقبيلته، بل هي إدانة دامغة للإبادة الجماعية المستمرة التي يرتكبها قادة الدولة الإسرائيلية اليمينيون والمتطرفون، والذين يرفضون الاعتراف بوضعنا كشعوب أصلية على الرغم من الاعتراف العالمي والالتزامات القانونية بموجب إعلان الأمم المتحدة لحقوق الشعوب الأصلية (UNDRIP).
وفاة أحمد هي نتيجة مباشرة للحصار الإسرائيلي، وهي سياسة تجويع متعمدة دفعت غزة إلى أزمة إنسانية ومجاعة على نطاق غير مسبوق. وقد أصدرت العديد من هيئات ووكالات الأمم المتحدة تحذيرات خطيرة بشأن المجاعة المفروضة والقابلة للتجنب في غزة، حيث أفاد التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) التابع للأمم المتحدة بأن 80 في المائة من إجمالي سكان العالم الذين يعانون حاليًا من الجوع بمستوى المجاعة هم من الفلسطينيين في غزة. إن هذا الحصار، إلى جانب رفض دولة إسرائيل الاعتراف بهويتنا كشعوب أصلية، ليس مجرد خلل في السياسة، بل هو فعل محسوب من التطهير العرقي. إنها حرب تُشنّ ليس فقط بالصواريخ والقنابل والرصاص، بل بالجوع والحرمان، بهدف محو وجودنا من الأرض التي سكنّاها لآلاف السنين.
ندين الفوضى واليأس المفروضين على عائلاتنا في دير البلح وفي جميع أنحاء غزة، حيث يعيشون تحت سياسة دولة قائمة على التهديدات بترك منازلهم، يليها الرعب والدمار والعنف والموت. إن أفعال دولة إسرائيل تمثل خرقًا خطيرًا للقانون الدولي، وتُقوِّض الأطر الحقوقية التي تأسست عليها الأمم المتحدة. إن استشهاد أحمد جوعًا هو شهادة على هذا الواقع، وهو واقع لا يمكن للمجتمع الدولي تجاهله.
إن رفض دولة إسرائيل الاعتراف بنا كشعوب أصلية ليس فقط إنكارًا لهويتنا الشرعية، بل إنكار لحقنا في الوجود. وعلى الرغم من وجودنا التاريخي الموثق واستمرار نقل ثقافتنا، لم يتم إجراء أي مراجعة أنثروبولوجية، أو قانونية، أو مراجعة لحالة القبائل بشكل رسمي. لم يتم تشكيل لجنة تقصّي حقائق، ولا إجراء مسح لترسيم الأراضي، ولا أي نوع من الترتيبات الدستورية، على الرغم من وجود سوابق كافية في دول استعمارية أخرى. ففي كندا، قادت اللجنة الملكية للشعوب الأصلية إلى إصلاحات قانونية واتفاقات لتقاسم الأراضي. وفي أستراليا، ألغت قرارات المحكمة العليا مثل "مابو ضد كوينزلاند (رقم 2)" مبدأ "تيرا نوليوس" وأقرت بالملكية الأصلية. أما في الولايات المتحدة، فإن عملية الاعتراف الفيدرالية، على الرغم من عيوبها، توفّر آلية للقبائل لمتابعة الحصول على الوضع القانوني. أما دولة إسرائيل، فتستمر في الادعاء بأن "لا توجد شعوب أصلية" داخل حدودها، وهو ادعاء لا يستند إلى تقييم قانوني بل إلى التهرب السياسي.
إن هذه الإبادة الجماعية ضد القبائل البدوية الأصلية لها آثار متتابعة. فبدون الاعتراف، لا يمكن للعشائر البدوية أن تُشكل كيانات قبلية قانونية، ولا يمكنها التفاوض على السيادة القضائية على المواقع الثقافية أو الدينية، ولا يمكنها الوصول إلى آليات التمويل المخصصة للشعوب الأصلية، ولا يمكنها الظهور في تخطيط الدولة كـ"جمهور" يُخصَّص له أرض أو خدمات. إن انعدام الوجود القانوني يحول دون ظهورهم في الميزانيات الوطنية، أو في خطط استخدام الأراضي، أو في استراتيجيات الطوارئ. وفي الوقت نفسه، تحصل منظمات المستوطنين الإسرائيليين على صفة منظمة غير ربحية، وإعفاءات ضريبية، وتسريع إداري لبناء البنية التحتية فوق هذه الأراضي ذاتها. وتطبق المحاكم قوانين الأراضي الاستعمارية لطرد البدو، بينما تُستخدم قوانين الحماية البيئية الحديثة لمنعهم من إعادة البناء.
إن الفشل في تطبيق UNDRIP ليس مجرد فشل رمزي، بل هو هيكلي. فالمواد 8، 10، و27 تنص على الحماية من التهجير القسري، وتتطلب الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة على إجراءات الدولة، وتدعو إلى الفصل القضائي العادل للمطالب الأصلية. إن استمرار دولة إسرائيل في هدم القرى البدوية، دون تعويض أو تفاوض، يُعد انتهاكًا لكل هذه المبادئ. أما الصمت الدولي، فهو لا يزيد إلا من تفاقم الوضع. الاتحاد الأوروبي يتجاهل وجود هذه المجتمعات في النقب وكأنها غير موجودة. لم يزر المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الشعوب الأصلية النقب قط. وتتحاشى منظمات حقوق الإنسان العالمية استخدام مصطلح "السكان الأصليين" في تقاريرها.
إن وفاة أحمد تذكير صارخ بأن الاعتراف ليس مكافأة على الطاعة؛ بل هو تصحيح قانوني لقرون من الإبادة والتطهير العرقي الممنهج. وبدونه، فإن كل منزل تم هدمه، وكل قرية غير معترف بها، وكل طفل يولد دون عنوان رسمي، يُصبح ضحية للفصل العنصري الإداري. الحق في الاعتراف ليس ثانويًا؛ إنه أساسي. وكل يوم يُنكر فيه، يتم الاستهزاء بسيادة القانون من قبل آليات الاستعمار الحديث.
بلاد آلله لخلق آلله. أحمد سيبقى في ذاكرتنا، ونحن نكرم ذكراه.
— المدير التنفيذي لمنصة قَبِيلَةُ أَبِيمِيليْك، باجس الحسنات أبو معيلق، الحارس الثقافي للقبيلة الجنوبية
ندعو الأمم المتحدة، والدول الأعضاء، والحركات الأصلية، والمجتمع المدني العالمي إلى:
المطالبة بوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في غزة والضفة الغربية لوقف الإبادة الجماعيه الجارية وحماية عائلاتنا.
ضمان الحماية الدولية لعائلاتنا وسكان دير البلح المدنيين، خصوصًا كبار السن والنساء والأطفال، تحت مظلة UNDRIP.
الاعتراف بوضعنا كشعوب أصلية، كما أقرّته الأمم المتحدة، والضغط على دولة إسرائيل للامتثال لالتزاماتها القانونية.
اتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء الإبادة، وبدء مسارات نحو العدالة واستعادة الأرض وحماية الثقافة، بما يشمل تطبيق مواد UNDRIP التي تضمن حقوقنا في الأرض، وتقرير المصير، والبقاء الثقافي.
لا يمكن أن يستمر صمت المجتمع الدولي.
بموجب إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، هناك التزام قانوني لضمان ألا تُهمش أو تُمحى القبائل البدوية الأصلية، سواء في إسرائيل أو في الأراضي المحتلة، بسبب الإهمال البيروقراطي من قبل دولة إسرائيل والسلطة الفلسطينية في رام الله في إطار السرديات الرسمية للدولة. إن وفاة أحمد تمثل نداء للتحرك، ومطلبًا لتحقيق العدالة، ونداءً للعالم للاعتراف بأن وجودنا غير قابل للتفاوض، وهويتنا ليست ملكًا استعماريًا، وبقاؤنا لا ينبغي أن يكون رهينة للتسويات السياسية.
نهاية البيان الصحفي
للإستفسارات الإعلامية أو تقديم بيانات التضامن، نُشجع الصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان على المساعدة في نشر هذا البيان. نحن نسعى للنشر والتفاعل عبر منصات دولية مثل منظمة الشعوب غير الممثلة (UNPO)، والمجموعة الرئيسية للشعوب الأصلية من أجل التنمية المستدامة، ومنصة "أصوات السكان الأصليين" التابعة لقناة الجزيرة. لتنسيق بيانات الدعم، أو المقابلات، أو جهود الاعتراف الرسمي، يرجى التواصل معنا عبر الرابط: https://abimelech.org/contact.
حول منصة قَبِيلَةُ أَبِيمِيليْك
منصة قَبِيلَةُ أَبِيمِيليْك هي مبادرة مكرسة للدفاع الثقافي والأصلي، وتمثل أحفاد قبيلة الحسنات أبو معيليّق، التي تعود أصولها إلى مملكة جرار القديمة. تعيش هذه القبيلة في مناطق تمتد بين بئر السبع وغزة، والخليل والقدس، وتمتد شمالًا إلى حيفا وشرقًا إلى وادي موسى. تعمل المنصة على الحفاظ على وحدة وكرامة وإرث ومستقبل أحد أقدم اتحادات العائلات الأصلية في دولة إسرائيل وفلسطين المحتلة من خلال بناء المجتمع، والفعاليات العامة، وجهود التعايش، والتوثيق، والدفاع الدولي.