صورة لقرية تل الصافي - فلسطين: منظر عام.
المصدر: فلسطين في الذاكرة
المقدّمة
هذه المقالة جزءٌ من مشروعٍ بحثيٍّ أوسع بعنوان «تاريخ فلسطين والمنطقة» للمهندس والباحث عبد الحافظ يوسف نوفل، من جبال الخليل – تلّ الصافي، ومن سلالة قبيلة البراهمية الفلسطينية. يتناول البحث الكامل تاريخ فلسطين الذي ظلّ ملتبسًا في كثير من جوانبه على مدى المئة والخمسين سنة الأخيرة، بدءًا من أصوله الكنعانية، مرورًا بمراحل شتّى شملت الغزو/الوجود اليهودي (الإسرائيلي)، والإسلامي (الأيوبي، والمملوكي، والعثماني)، والمسيحي (الفرنجة/الإفرنج)، فضلًا عن شعوب البحر، واليونانيين، والرومان، والفرس، وصولًا إلى الحقبة البريطانية–الإسرائيلية الحديثة.
يوثّق البحث ما تؤكّده مصادر عديدة من أنّ موجاتٍ من الكنعانيين الذين عاشوا في فلسطين واصلوا الهجرة بدافع التيه والتنقّل، وأنّهم استقرّوا في جزيرة كريت في بدايات التاريخ؛ لكنّهم، وبفعل ضغوطٍ مثل الصدام مع الحثّيين والحركات الهندو–أوروبية الأوسع، عادوا في النهاية إلى وطنهم فلسطين، حاملين معهم اسم «قبيلة فلسطين». وقد اندمجوا اندماجًا طبيعيًا في المجتمع الكنعاني، بما عزّز استمرارية الأرض وامتلاءها بأهلها.
وفي إطار هذه الجغرافيا التاريخية، تجدر الإشارة إلى أنّ الإقليم الرئيس لقبيلتنا نحن، قبيلة أبيمالك (حَسَنات أَبُومُعَيليْق) هو وادي جرار (مملكة جرار) الذي كان يجاور سهل أجنادين (مملكة أجنادين) من الجنوب. كما أنّ فرعًا من قبيلة أبيمالك سكن داخل نطاق قبيلة البراهمية في دير الذبّان، وهي من القرى المجاورة لـتلّ الصافي، مركز حياة قبيلة البراهمية. يرسّخ ذلك موقع قبيلة أبيمالك ضمن المشهد الثقافي والمجالي ذاته الذي وصفه نوفل، ويؤكّد ترابط القبائل الفلسطينية الأصيلة عبر جرار وجبال الخليل وسهل أجنادين والقدس (سالم). يمكن الاطلاع على مزيدٍ من المعلومات حول قبيلة حسنات أبومعيلق وعائلاتها عبر: https://abimelech.org/about/families.
ولأغراض هذا العرض، نُدرج فقط القسم المتعلّق بـقبيلة البراهمية التي اتّخذها المؤلّف مدخلًا لتعريف تاريخ فلسطين. ويُبرز هذا التركيز دور القبيلة خيطًا حيًّا يمتدّ بين ٦٠٠٠ و٨٠٠٠ سنة من الاستمرارية الأصيلة في فلسطين.
يؤطّر المؤلّف تاريخ فلسطين بوصفه تاريخًا فريد الصعوبة في الولوج إليه، لأنّ البلاد تقع عند مفترق القارات وتقاطع الدين والسياسة والاقتصاد والحضارة. وللأرض طابعٌ بشريّ وجغرافيّ متفرّد فرض نفسه على كلّ من دخلها؛ ولأنّها كانت مطمعًا لكثيرين، فقد تردّدت أصداء أحداثها—خيرًا أو شرًّا—عبر العالم مرارًا. إنّ هذه الحساسية والتعقيد يجعلان البحث شاقًّا، إذ تراكمت طبقاتٌ من الأزمنة والدعاوى والطموحات فأزاحت الوضوح وجعلت الحقل التاريخي عرضةً للتشويه.
رافضًا مطبّات التأريخ الموروث، وقيود الكتب القديمة وتناقل الروايات الذي قد يوقع القارئ في أخطاء المؤرّخين السابقين، يختار المؤلّف مدخلًا حقيقيًا وطبيعيًا: قبيلته هو، البراهمية. ويقدّمهم على أنّهم قومٌ طيّبون بسطاء يزداد حبّهم وارتباطهم بوطنهم ساعةً بعد ساعة وجيلًا بعد جيل، بما يثبت أنّهم أصحاب الأرض الأصليّون. ويُبرز لحظةً فارقة: استقبال البراهمية لعمر بن الخطاب بعد معركة أجنادين وإعلانهم الإسلام؛ ومن هناك يدخل إلى «أعماق الجسد الفلسطيني» عبر الواقع المشاهد، والصدق، والانتماء، والحقائق الدامغة، لا عبر سردياتٍ مجرّدة أو منقولة من الدرجة الثانية.
إنّ تأسيس الدراسة على الحضور المتّصل للقبيلة يوفّر سبيلًا لتصحيح التواريخ المشوّهة أو المنقوصة، وحماية الأجيال الحاضرة والباحثة من الأقلام التي اعتمدت الإسرائيليات، أو العاطفة، أو الاستعارة المتبادلة، أو الروايات المضلِّلة التي تفصل السرد الحديث عن جذوره القديمة. ويرى المؤلّف أنّ تاريخ فلسطين قد تعرّض للظلم والإهمال حتى من بعض أبنائه، إذ انصرف كثيرون إلى الوقائع الحديثة دون وصلها بالجذور التي تمنحها معناها. لذا يلتزم هذا القسم البدء من البداية وسلوك الطريق القويم، ويختتم بنداءٍ أخلاقيّ: اقرؤوا بتؤدةٍ وتبصّرٍ وإدراكٍ للأبعاد، وتعاملوا مع هذه الدراسة باعتبارها عبادةً نتقرّب بها إلى الله، ندخلها بإجلالٍ وعزمٍ على استعادة الوضوح لرؤيةٍ غُيِّبت لأجيال.
أصول قبيلة البراهمية
تعتبر قبيله البراهميه ( اصولها وفروعها )هي من القبائل الكبيرة ومن الكنعانيون القدماء والتى تقطن منذ زمن سحيق منطقه جبال الخليل الغربيه وحيث تنتشر فى عدة مناطق.
تتركز هذة القبيله فى بلدة تل الصافى وهذة البلدة والتى تقع على بعد 30 كيلومتر شمال غرب الخليل وهى تشرف على سهل اجنادين ( موقع المعركه المشهورة سنه 634 م) وحيث تتوسط هذة البلدة منطقه يتمركز على محيطها قرى وبلدات : بيت جبرين وكدنا ورعنا وبرقوسيا وذكرين ونعلين وتل الترمس وصميل وجسير والسوافير والقسطينه والمسميه والتينه واذنبه ومغلس والبريج وزكريا وبيت نتيف وعجور ودير الذبان (قبيلة حسنات أبومعيلق) وغيرهم من القرى وهى كثيرة.
هذة جميعها كانت من ضمن مملكه اجنادين (اختلف فى اصل التسميه ولكن الغالب انه كان دارجاً قبل فترتى الحكم الرومانى والفتح الاسلامى(3) , وهو اسم اطلقه سكان المنطقه من العرب القدماء حيث شاع الاسم ايام الروم ايضا ) وكان على راسها تدارق شقيق هرقل وقائدة ارطبون الروم وذلك قبيل الفتح الاسلامى , والتى كانت تابعه لاسقفيه بيت جبرين ( اكبر مقاطعه رومانيه فى فلسطين ذلك الوقت ) والتى كانت تضم منطقه غزة وقد استمر هذا الترتيب فى فترة الحكم الرومانى للمنطقه والى فترة الفتح الاسلامى (3) .
وايضا بلدة تل الصافى مطله من الشرق على بعض قرى الضفه الغربيه مثل صوريف وبيت امر وبيت اولا وغيرها وكما تطل من الغرب على السهل الساحلى الفلسطينى ) حيث من الممكن أن نشاهد من المنطقه فى هذة الايام البواخر فى ميناء اسدود ونشاهد ايضا اطلال حصن عسقلان والتابعين لمنطقه غزة ).
فجاء موقعها متوسط بالنسبه لمناطق الخليل والقدس والرمله وغزة مما اعطى المنطقه وسكانها من قبيله البراهميه وغيرهم اهميه استراتيجيه عبر فترات التاريخ، حيت كانت حصن ومحطة للفاتحين والجيوش العابرة، (ومن هنا أن الحديث عن قبيلة البراهمية وبلدة تل الصافي يعتبر مدخل حسن للولوج إلى تاريخ فلسطين والمنطقة).
الأصول الكنعانية
واصول قبيله البراهميه وكما ثبت انهم من انسال القبائل الكنعانيه(1) والتى استوطنت المنطقه قبل 6000 سنه الى 8000 سنه قبل الميلاد. بعض المؤرخين يقولون ان الفترة اكبر من ذلك, اما قبل ذلك من تواريخ فمن هم الذين سكنوا المنطقه؟ فعلمهم عند ربي .
وان بلدتهم تل الصافى والتى اسسها الكنعانيون(1) فى بدايات وجودهم فى المنطقه ومن اسمائها لبنى ( كما ذكرت كثير من المصادر) ومن اسمائها جيت وصافيتا ( ظهرت بهذا الاسم فى خريطه مادبا ) وبلانش جارد ايام الفرنجه تعنى التل الابيض او الحارس الابيض وربما اخذت اسمائها من طبقات الصخر الابيض والتى تزين سفح التل من معظم النواحي , (والظاهر أن اسم تل الصافي أُخذ من محصلة تلك الأسماء)، وحيث كانت تعتبر قلعه من قلاعهم الكنعانيه , وذلك لموقعها الاستراتيجى والمشرف على الساحل الفلسطينى والبحر الابيض المتوسط حيث استخدم الكنعانيون(1) هذا الحصن كموقع متقدم فى اقصى غرب جبال الخليل كخط دفاع عن مناطقهم فى جبال الخليل واريحا والقدس ( وهذه المناطق هي بديات استيطانهم حيث سماها بعض المؤرخين فلسطين الاولى وحيث بدأ من هنا التاريخ يكتب نفسه والحضارة الانسانيه تشع الى جميع ارجاء المعمورة ) وذلك لصد هجمات اقوام البحر والذين كانوا بدئوا يفدون على الساحل الفلسطينى من البحر فى تلك الازمان وتقول المصادر انه فى فترة بعد ذلك بني حصن سعير فى قريه سعير الان وذلك لحمايه مواقعهم من جهه الشرق وبعد ذلك بنيت كثير من القلاع والحصون على طول جبال فلسطين , وهذا يثبت ان ثقافتهم كانت دفاعيه وليست هجوميه وهذة كانت اخلاق اهالى الارض المقدسه وعلى طول الزمان .
استمرارالقبيلة عبر التاريخ
من هنا كان الكنعانيون(1) اجداد قبيله البراهميه هم اول شعب عرفهم التاريخ ممن سكن فلسطين وأنهم موجودين حتى قبل وصول فروع من ابناء عممومتهم لخم وجذام(2) وانهم لم يتاثر وجودهم فى وطنهم الاصلى وحتى بعد وصول قبائل قيس ويمن بعد او قبيل الفتح الاسلامى(3) اوبعد الترتيبات التى حصلت اثناء العهد الايوبى والمملوكى(4) والعثمانى , حيث ان البراهميه واهل بلدة تل الصافى ساهمو بعد ذلك بتاسيس حارة الشيخ (5) بالقرب من مدينه الخليل .
اي نعم كانت لتل الصافى وقبيله البراهميه والمنطقه المحيطه وغيرهم شان عظيم فى كل مراحل التاريخ وحتى قبل نزول الاديان وقبل الاسلام , واستمرت هذة الاحوال , وبالرغم من تعاقب الامم , الى بدايه القرن العشرين حيث نزلت القوات البريطانيه(6) الى فلسطين ( وبدأت الحقبه البريطانيه الاسرائيليه(6) وفاجعة الغاء الخلافه .
اذن قبيله البراهميه اصولها وفروعها ينتمون الى اول شعب سكن هذة البلاد ( بنى كنعان ) فهم فلاحوا الارض الفلسطنيه وسكانها الاصليين الناطقين بالعربيه فهم اخلاف القبائل الوثنيه وهم كانوا موجودين قبل نزول الاديان السماويه الثلاث وقبل ما يسمى بالغزو اليهودى وقبل الميلاد وحيث بقيت اقدامهم ثابته فى هذة التربه منذ تلك العصور السحيقه .
اعتناق الإسلام
يُنسب قبيلة البراهمية وفروعها إلى أوائل من سكنوا هذا البلد (بنو كنعان). كانوا فلاحي الأرض الفلسطينية وسكّانها الأصليين الناطقين بالكنعانية. وهم من ذرية القبائل الوثنية، وقد وُجدوا قبل ظهور الديانات السماوية الثلاث، وقبل ما يُسمّى بالغزو اليهودي، وقبل ميلاد المسيح. وظلت أقدامهم راسخة في هذه التربة منذ تلك العصور السحيقة.
ولمّا اعتنقت الأمم المحيطة، ومن بينها الرومان، الديانةَ المسيحية، ثم جاء الفتح الإسلامي (3) ابتداءً من سنة 632م فحرّرهم من حكم الرومان، دخلوا جميعًا في الدين الإسلامي. وقد حظيت منطقة أجنادين، بما فيها تلّ الصافي وسكّانها آنذاك والبرाहِمية وفروعهم، بأن تكون أوّل منطقة دخلها الفتح الإسلامي في بلاد الشام أو خارج الحجاز. وكان قبيلةُ البراهمية وأبناء عمومتهم ممّن اعتنقوا الإسلام منطلقًا للدعوة الإسلامية بين القبائل في تلك المناطق.
ومن الجدير بالذكر أنّه حتى منذ مئة عام كانت نساءٌ من قبيلة البراهمية يلبسن الثياب الفلّاحية المُطرَّزة، حيث كُنّ يفتخرن بتطريز صورة الإله «دجان»، أحد آلهة الكنعانيين، على صدورهنّ (1) اعتزازًا بالانتماء إلى الأصول الكنعانية (1) (ولذلك أدلّةٌ وبراهين).
فروع قبيلة البراهمية
لقد كانت المنطقة، بما فيها حصن تلّ الصافي وفلسطين عمومًا، معرّضةً عبر التاريخ للكرّ والفرّ والأخذ والردّ؛ فتعرّض السكّان للتهجير والمجازر والأهوال والصراعات. وقد أدّى ذلك عبر التاريخ إلى انتشار بعض فروع البراهمية في مناطق كثيرة مثل منطقة القدس ورام الله وحلحول، ولا سيّما في تِرمُس عيّا وبرهام وعُرورة وغيرها. كما امتدّت هذه الجماعات إلى مناطق مثل نابلس وحيفا وأجزاء من يافا، بما فيها كفر عانة والسافرية، حيث عُرفوا بأسماء مثل الشرائعة، العروري، البو، وغير ذلك.
وهناك أيضًا فروع في جمهورية مصر العربية، يسكن بعضُها في محافظة الشرقية حيث يتركّز وجودهم في مركز أولاد صقر. ومن الجدير بالذكر ان القاسم الجنيدى ( جد قبيله القواسمه ) عاش هو او بعض ابنائه فى تل الصافى ( بعد قدوم اجداده من العراق تقريبا سنه 300 ه) وانه وبعد الحروب الصلبيه ( بعد 1099 م ) انتقل بعض من ذريته برفقه الشيخ على البكاء(5) ) وهذا الشيخ الذى نزل فى تل الصافى وكان بعد ذلك برفقه الظاهر بيبرس واشترك معه فى دحر الصلبين فى اخر معركه فى منطقه ارسوف على الساحل سنه 1265 م ) وحيث انتقلوا الى منطقه الخليل واسسوا حارة على مشارف المدينه سميت بحارة الشيخ(5) وقد بقى من ذريتهم كثير فى تل الصافى وفى قريه برقوسيا القريبه وحيث اصبحوا يشكلون نسبه كبيرة من اهالى القريتين. والجدير بالذكر أن لهم أبناء عمومة ومن ذرية الجنيد يعيشون في منطقة جبال عجلون (آل المومني) وأيضاً في منطقة نابلس (آل الجنيد).
وتشترك قبيله البراهميه مع قبائل لها تاريخ قديم فى تل الصافى مثل عائله ابوعفيفه وغيرهم, وهناك عائلات استوطنت المنطقه فى عصور قريبه مثل ال العزة وغيرهم , وهناك نسبه كبيرة من العائلات والتى اصولها مصريه اوغير ذلك كانت تفد الى المنطقه لطلب الرزق او من ضمن الحملات العسكريه وخاصه حملات صلاح الدين الايوبى او المماليك(4) او حمله ابراهيم باشا . وقد كانت هذة العائلات الوافدة تجد حسن الضيافه والتكريم والاقامه الطيبه من قبل افراد قبيله البراهميه السكان الاصليين للبلاد , مما سبب ان حظيت هذة القبيله باحترام وتقدير الجميع وقد كانت جميع عائلات البلد نسيج واحد يسودة الحب والانسجام والتعاون والوفاء وكأنهم جيمعاً قبيله واحدة .
وهناك عائلات فى منطقه الخليل لها وشائج وعلاقات نسب وقرابه عبر التاريخ مع قبيله البراهميه وأهالي بلدة تل الصافي، مثل ابو شخيدم والجنيدى والقواسمه وابوزينه والزغير وعائلات كثيرة من قرى بيت اولا وصوريف ودورا والظاهريه وحلحول .
اهتم البراهميه عبر التاريخ بالتركيز على مهنه الزراعه لحبهم وارتباطهم بارضهم ودفاعهم المستميت والمستمر عبر التاريخ وحيث كانت بلدتهم حصن مهم قبل الاسلام وبعده واثناء كر وفر صلاح الدين على الحصن من قلعه عسقلان ( قبيل معركه حطين ) وحيث كانت مقر ملك الفرنجه فولك.
النكبة والشتات
بالرغم من ذلك فى كل الاحوال بقى معظم البراهميه اصولهم وفروعهم صامدين فى ارضهم الى ان جائت الغزوة الاسرائيليه البريطانيه(6) وحيث تم ترتيب المنطقه من جديد حسب اتفاقيات ( من طرف واحد ) سايكس وبيكو المشؤومه سنه 1916 م .
لكن تلك الهجمه هذة المرة كانت اكبر واعظم من طاقه المنطقه مما ادى ذلك الى الهجرة القسريه والنزوح عن المنطقه فيما يسمى بنكبه عام 1948 م وقد استمات البراهميه واهالى البلد وسكان القرى المجاورة فى الدفاع عن وطنهم فى تلك الفترة وفى معركه البلد الاخيرة استشهد عدد من البراهميه واهالى البلد ومن سكان القرى المجاورة وكان فى مقدمتهم محمود حسن نوفل واخوانه عبدالحافظ وعبدالمنعم وابنهم عياش ويروى شهود عيان ان الشهيد محمود حسن قتل اكثر من 10 من اليهود فى تلك المعركه فقط , وان سقوط بلدة تل الصافى عام 1948 م ادى وبشكل طبيعى الى ضعف فى معنويات سكان المنطقه مما ادى الى سقوط عشرات القرى بعد ذلك , وذلك لوضع بلدة تل الصافى الاستراتيجى ، إذن كان النزوح من تل الصافي والقرى المجاورة نتيجة لمعارك عسكرية , لم يقف الامر عند هذا الحد بل سقط معظم فلسطين عام 1948 م وسقط الباقى بالاضافه الى مناطق كبيرة من ارض العرب والمسلمين عام 1967 م وبعدها وقع العالم العربى والاسلامى فى شِرك حيث توالى سقوط العواصم وتفتت الدول , ونسال الله ان يقينا شرور القادم .
وقد انتشر البراهميه بعد عام 1948 م فى مدن وقرى ومخيمات الضفتين الغربيه والشرقيه وتوجهت بعض من الاسر الى قطاع غزة والباقى انتشر فى بلاد المهجر .
ومن فروع قبيله البراهميه المعروفين (من ضمن بلدة تل الصافي) فى الوقت الحاضر : نوفل , الشيخ سلمان , عايش , ابوالحاج , مغنم , اسمران , الدوخ , الجمل , المعرى , بحر وغيرهم وبعد الهجرة هذة اهتم افراد قبيله البراهميه مثلهم كمثل باقى افراد الشعب الفلسطينى بالتعليم ومزاوله الحرف المهنيه والتجاريه وقد تركوا بصماتهم بالخير اينما ذهبوا .
وبعد ذلك ساهم كثير من شباب البراهيمه فى اعمال الثورة الفلسطينيه والاحزاب العربيه وانخرط بعضهم من ضمن الحركات الاسلاميه حيث اشتهر منهم الشيخ يوسف عبدالحافظ نوفل ( والذى يعتبر من مؤسسى ومنظرى جماعه الاخوان المسلمون فى فلسطين منذ الاربعينات والذى توفى في مدينة الخليل عام 1999 م .
ومن خلال معارك الثورة الفلسطنيه من بدايه الستينات الى الاجتياح الاسرائيلى للبنان عام 1982 م سقط عدد من رجال البراهميه بين شهيد وجريح وعلى راسهم فهد ابراهيم محمود نوفل والذى استشهد خلال اجتياح لبنان .
النداء الروحي والخاتمة
ولان الكنعانيين(1) جميعهم، وفروعهم من قبيله البراهميه اصولهم وفروعهم وغيرهم من سكان فلسطين عبر التاريخ محافظين على فلسطين هذة الارض المقدسه ولم يكن لهم اطماع فى التمدد خارجها او تاسيس امبراطوريات بل آثرو البقاء على هذة الارض للحفاظ عليها والاستعداد لاستقبال الانبياء والمرسلين والرسالات ولانهم تحملوا فى سبيل ذلك عبر التاريخ الكروالفر وكانت ارضهم فلسطين تعرضت ( اكثر من جميع بلاد العالم ) للاحتلال والتدمير والظلم عبر التاريخ , فمن هنا يجب على العالم جميعه بشكل عام ونوجه نداءاً مباشراً للعالمين العربى والاسلامى بشكل خاص بأن يوفي لهؤلاء الناس حقهم ويرد إليهم الجميل وذلك بالعمل على تحرير بلادهم (وعلى درب الفاتحين مثل عمر الذى جاء من الحجاز، وصلاح الدين الذى جاء من شمال العراق , والسلطان قطز الذى جاء من خوارزم , والظاهر بيبرس الذى جاء من كزاخستان ) وارجاعهم الى وطنهم ليعاودو الحفاظ عليه كارض مقدسه وممباركه وواحه سلام للعالم الاسلامى والانسانى، وهذا النداء في الحقيقة هو من أحد أسباب كتابة هذا البحث وملحقاته، وإني أدعو الجميع لقراءته وفهمه .
وعلى كل حال سواء الامه عزمت على هذا الامر ام لا فاننا نتوجهه الى الله بان يعجل بوعدة الحق ( التفصيل فى سورة الاسراء . وعد الله الذى لايخلف وعده ) ويغفر لنا تقصيرنا جميعاً نحو قضيتنا ويصلح حال شعبنا وامتنا ويهديهم الى الطريق القويم والى حسن ادراك وفهم الموقف ويحسبنا الله من الصابرين ( الصبر عند الطاعه , والصبر عن المعصيه , والصبر على المصيبه ) والشاكرين وان نكون جزء من الوعد الحق ومن جنودة وجيشه الالهى وان تتيسر العودة الى الوطن ليعاود شعبنا وامتنا إقامة حكم الله على هذه الارض المقدسه والحفاظ عليها .
ملاحظات
ربما انه فى هذة الايام اصبح اسم قبيله البراهيمه وكثير من اسماء القبائل غير شائعه وغير معلومه لكثير من بعض جيل اليوم وذلك لان غالبيه الفروع والبطون تتسمى باسماء الاجداد والفروع .
ان كثير من الباحثين او حتى عامه الناس يخطى عندما ينسب اسم القريه او المدينه الفلانيه الى الرومان او اليونان وغيرهم من الاقوام التى عبرت فلسطين عبر التاريخ وهذا خطا شائع لان تلك الاقوام وصلت الى فلسطين حيث كانت دائما فلسطين عامرة باهلها العرب وبقراها وحضارتها وكان دائما المشروع الكنعاني ياخذ مكانه بالضبط على هذة الارض .
نرحب باى اضافه او تعليق او تصحيح او ايه معلومات اخرى والحقيقه ليس لنا المقدرة على الاحاطه بكل شي ولان ندعى الكمال وحيث امضينا سنوات طويله ونحن نتقصى الحقائق ونبحث عن الادله وزيارة المناطق المذكورة ودرسنا اوضاعها الطبوغرافيه والديموغرافيه واثارها ومقابرها المنتشرة فيها ودرسنا عادات اهلها ولهجاتهم حتى وصلنا الى ما وصلنا اليه , ونرجو ان يكون هذا البحث خفيفاً على النفس ومهضوماً وحاولنا ان نوضح القواسم الرئيسيه لما كتبه المؤرخين ومن هنا ندعو الجميع الى مزيد من الدراسه والبحث ، وإن وجد أي اختلاف فما هو إلا اجتهاد ووجهة نظر .
وما ذكر فى هذا البحث هو قيض من فيض وذلك لتزويد الجيل الجديد ( وبالاسف مع احترامى لهذا الجيل انه تربى على المناهج والاساليب المفروضه علينا من الغرب وتلاميذه وعلى المواد الغذائيه ذات الوصفات الاجنبيه ) واعطائه هذة المعلومات التاريخيه وبالاضافه الى عقيدته ووطنيته وذلك ليتمكن من اعادة صياغه نفسه ومجتمعه لخطوة اساسيه لاعادة ترتيب اوضاع الامه ولتنظيف الامه من رواسب "سايكس بيكو" واعادة الامه الواحدة , اعتمادا على عقيدتها واصولها وجذورها العميقه فان الماضى هو ابو الحاضر وهو جد المستقبل وقد كان عليه السلام يعتز باصله وفصله دائما .
وانى اهيب بجميع الافراد والمؤسسات والنقابات المهنيه وبكافه اقسامها ومراكز الابحاث واللذين عندهم امكانيات علميه او ماديه ان يقدموا جهدا فى هذة المواضيع وذلك لازاله الغموض وليزودوا الشباب بالمعلومات الصحيحه والعمل على انقاذهم من هذا التلوث الفكرى المخادع المناور والذى نحن جميعا اسرى فى شباكه وعلى مدار المائه سنه الماضيه ، بحيث لا يكونوا ضحية لبعض المؤرخين العرب والمسلمين وبعض الهيئات المشبوهه وغيرهم والذين انزلقوا في دوائر التزوير والتشويه والبهتان والذين حاولوا غسل أدمغة الشباب بطريقة أو بأخرى ومتسترين وراء الشهادات العالية والألقاب الجامعية (مع احترامنا للعلم والعلماء) واللذين وضعوا المناهج للجامعات والمدارس حيث امعنوا فى فصل العلم عن الادب والتعليم عن الثقافه فكانت المصيبه , وانى اهيب بالشباب ذوى التخصاصات العلميه مثل الطب والهندسه والكمبيوتر وكافه العلوم ان يعطوا للتاريخ والادب حقهما , وان لايعيشوا اسرى مهنهم وانجازاتهم , ولو بنشاطات غير منهجيه مسائيه او باهتمام للمواضيع كهوايه وانى اذكرهم بالايات القرانيه ( فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ....... وكلاً نقص عليك من انباء الرسل ....... نحن نقص عليك احسن القصص ) وأن يجعلوا ثقافتهم تسير مع علمهم. واننى اذكر الشباب بالعصور الاسلاميه السابقه حيث كان كل من اصحاب المهن فقيهاً ومؤرخاً ومحدثاً وموسيقياً وهناك اسماء مشهورة , وكذلك واننى اذكرهم بان اسرائيل والصهيونيه لعبت بورقتي التاريخ والدين , ونحن اصحاب التاريخ الصحيح والدين الحق اهملنا هذين البندين ومن هنا ضاعت فلسطين والمنطقه .
واننى أهيب بالشباب استغلال فرصه وجود الانترنت والكتب الوفيرة والصحافه وهذة القنوات الفضائيه الكثيرة وهذا كله من مميزات هذا الزمان , اهيب بهم الاستفاده من هذة كلها لجمع المعلومات وفرزها ونشرها للاستفادة منها , ان النظام العالمى الحالى يحاول ويمعن ويعمل جاهداً لزرع الخلل فى بلدنا ولتكريس ما ذكرنا فى بند 5 السابق , حتى يكون هذا الجيل ضحيه للتقوقع والانعزاليه وحتى يكونوا اسرى لتخصصاتهم ومهنهم , ونتيجه لذلك تنشأ الطبقيه وتتفكك الامه وتصبح سائبه كحالها هذة الايام فتكون فريسه سهله للاخرين ( حتى مشاريع الاسكان خطط لها بطريقه تخدم هذا الخلل ) , وهذا ما حدث على مدار المئه سنه الماضيه , ملاحظه : ومن هنا فان جامعاتنا وكلياتنا والتى بلغت اعداد خياليه وعلى مدار تلك السنين لم تواكب التطور العالمى ولم تنجح فى احداث التغير والتطور المطلوب فالجامعات الحكوميه محتكرة لشرائح معينه مهما كان مستواها العلمى والجامعات الخاصه ما هى الا شركات تجاريه ومن هنا يتخرج الشباب وكأنه لم يتخرج ونهيب بالشباب جميعاً ومهما كانت درجات التعليم , الى اعادة بناء نفسه وعقله وثقافته بمجهودة الذاتى ويقرن العلم مع كلاً من الثقافه والادب وحتى تكتمل الشخصيه , وان يكونوا من اهل القران الكريم وفى الحديث الشريف ( خيركم من تعلم القران وعلمه ) .
ونريد وكمطلب ان نؤكد ونوضح للناس ان الثقافة بشكل عام والمعلومات التاريخيه بشكل خاص هى مصدر الهام للشباب, والثقافه دائماً هى التى كانت دائماً توحد الامه وتزيل الحواجز من بين كل شرائح الامه , ويجب على المثقف ان يسأل نفسه عن مدى ارتباطه بوطنه هل فقط من ناحيه ماديه وعاطفيه او وطنيه وهل تجاوز هذا الامر الى الارتباط من خلال العقيدة مع هذا الوطن وهذا هو المطلوب , فعندما غادر سيدنا محمد عليه السلام مكه مهاجراً خاطبها وقال ( انك لاحب بقاع الارض الي ) وما اجمل ولا اعظم من ان نرتبط نحن الفلسطنيين والعرب والمسلمين بالوطن الفلسطينى وجدانياً وعقائدياً .
ادعو كل افراد القبائل التى تنتمى الى الاصول الكنعانيه وكل من سكن فلسطين في تلك الفترات، بأن يبحثوا فى هذة الامور ويحققوا كثير من المعلومات مع النشر وذلك للمساهمه فى تاكيد هويه اصحاب الارض الاصليين , ونحن نقترح تاسيس موقع خاص لهذا الموضوع ( وذلك حول تاريخ فلسطين وقبائلها ومراحل احتلالها وفضل الخلافه الاسلاميه فى المحافظه عليها ) , وذلك للاهميه بهدف ان نقدم اثبات حال للاجيال الحاليه والقادمه ان هذة الارض عربيه واسلاميه .
ان اهتمامنا بالاصل والفصل والبحث عن جذورنا هو ضرورة شرعيه وهذا الامر لا ينزل من قدر الدين او العقيدة بل يكمل الشخصيه ويستوفى العقيدة وان العروبه والاسلام تؤامان وان صلاح الدين عندما بدا حملته نادى بندائه المشهور ( طاب الموت يا عرب ) , وقال عمر بن الخطاب قبله نحن قوم أعزنا الله بالاسلام فاذا ابتغينا العزة لغيره , أذلنا الله .
ان هذا الطرح عن قبيلة البراهمية وبلدة تل الصافي والذي هو مدخل حسن لمعرفة تاريخ فلسطين والمنطقه هو ليس كلام مزاج أو اصطفاف أو محاباة لفريق دون اخر او أفتخار بجهه معينه بل هو زبدة خبرات ومعلومات ودراسات ولقائات وزيارات وابحاث وواقع , وانه اخذ من منظور تاريخى وزاويه حياديه , وقد اختصرنا كثير من الامور بعبارات موجزه أو باشارات رمزيه حتى ياخذ القارئ فكره عامه ونفتح الباب لمن يريد ان يستزيد فى البحث .
كل من يقرأ هذا البحث عليه أن يعتبر وكأنه يقرأ تاريخ بلدته وقبيلته، فالموضوع عام وشامل ومتداخل مع جميع النواحي التاريخية، فهو خطوة جيدة لإدراك أوضاع القضية الفلسطينية ويعطي لمحة عن تاريخها وتاريخ المنطقة .
بقلم عبد الحافظ يوسف نوفل، منطقة جبال الخليل - فلسطين.
نُشر لأول مرة في ٢٠ فبراير ٢٠١١ على موقع "فلسطين في الذاكرة".





