منصّة حجرية تشرف على ممر بئر السبع الخليل غزة، موطن القبائل الكنعانية الأصلية تاريخيا وفي الحاضر، ومنها قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق، وقبيلة البراهمية، وقبيلة الزماعرة، والعشائر والعائلات المرتبطة بها. هذه القبائل ليست عربية، بل تنحدر من سلالات كنعانية «ما قبل إبراهيم» متجذرة في فلسطين. يبين هذا التقرير كيف أنّ هذه الجماعات الأصلية، بخلاف «الأقليات المهاجرة» التي تحميها دولة إسرائيل، تتعرض لتحريض موجّه على الإبادة الجماعية من خلال تسليح الخطاب التوراتي الذي يدعو إلى الاستئصال.
تقرير قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق
تقرير عن: اذكر ما فعله بك العمالقة: التحريض على الإبادة الجماعية ضد السكان الأصليون لفلسطين في ممر بئر السبع، غزة والخليل (٢٠٢٣ إلى ٢٠٢٥)
صادر في: ١٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥ عن منصة قبيلة أَبِيمِيليْك
الملخص
يتبنى هذا التقرير أطروحة قانونية واحدة واضحة. فمنذ تشرين الأول ٢٠٢٣ لجأ كبار مسؤولي دولة إسرائيل علنا إلى استعمال المصطلح التوراتي العمالقة أثناء توجيه العمليات العسكرية ضد الفلسطينيين. وتشكل هذه التصريحات في ذاتها تحريضا مباشرا وعلنيا بموجب المادة الثالثة الفقرة (ج) من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، كما تعد دليلا على نية الإبادة والاضطهاد في إطار نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عندما تُقرأ في ضوء السلوك الذي تلاها. وهذا المصطلح نفسه العمالقة أي الجبابرة جزء من ذاكرتنا الأصلية في الممر الجنوبي بوصفه تسمية لاتحاد قبلي كنعاني أجدادي يشكل الفلسطينيون، بما في ذلك قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق، امتداده الحي اليوم. وإطلاق وصف العمالقة على الفلسطينيين يعني بالتالي وسم شعب من السكان الأصليين لفلسطين للإزالة بالاسم. والقانون لا يعترف بالنصوص الدينية كدفاع، بل ينظر إلى ما قيل، ومن قاله، ولمن قيل، وما الأثر المتوقع له، ويفرض التزامات بالمنع والعقاب وجبر الضرر.
في الجلسة الأولى أمام محكمة العدل الدولية، سلط المحامي الجنوب أفريقي تيمبيكا نغكيتوبي الضوء على هذه التصريحات، مشيرا إلى أنها تكررت علنا في رسالة تشجيعية مؤرخة في ٣ تشرين الثاني موجهة إلى الجنود، ورأى أنها أقرب إلى تحريض القوات على ارتكاب الإبادة الجماعية منها إلى مجرد رفع معنويات الجنود، ولا سيما ضد السكان الأصليين لفلسطين في الأرض المسماة بالأرض المقدسة.
١) المقدمة وهدف هذا التقرير
الغرض.
يتمثل غرض هذا التقرير القانوني في إثبات، استنادا إلى أدلة مقبولة ومعايير قانونية دولية ملزمة، أن الاستخدام العلني لمصطلح العمالقة من قبل مسؤولي دولة إسرائيل بين تشرين الأول ٢٠٢٣ وتشرين الثاني ٢٠٢٥ يشكل تحريضا مباشرا وعلنيا على ارتكاب الإبادة الجماعية ضد مجموعة سكانية مدنية حقيقية ومحددة من السكان الأصليين لفلسطين. وتشمل هذه المجموعة قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق في بئر السبع وغزة، وقبيلة البراهيمية في تل الصافي، وقبيلة الزماعرة في حلحول، وغيرهم من القبائل الفلسطينية المنحدرة من الكنعانيين التي توثق المصادر استمرار وجودها المتصل في جنوب فلسطين عبر علم الأنساب، والذاكرة القبلية، واستمرارية أنماط الاستيطان، والتأريخ العربي، والجغرافيا الأثرية المعترف بها.
ويصدر هذا التقرير من موقع قانوني وتاريخي لقبيلة كنعانية أصلية هي قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق، التي تمثل أنسابها وأنماط استيطانها وتفرعاتها القرابية في ممر بئر السبع غزة الخليل استمرارا ديمغرافيا غير منقطع من السكان الكنعانيين القدماء الموثقين في مصادر العصر البرونزي والعصر الحديدي والمصادر الكلاسيكية والعثمانية. وهذه الصفة لها أهمية في القانون الدولي، لأن السكان المستهدفين هم سكان أصليون، واستخدام وصف استئصالي ضد شعب من السكان الأصليين يفعّل التزامات مشددة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية وإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية والقانون الدولي العرفي والالتزامات في مواجهة جميع الدول الأطراف.
وغرض هذا التقرير قانوني وإثباتي لا خطابي ولا لاهوتي ولا افتراضي. فهو يبين ما يلي:
أن مسؤولي دولة إسرائيل استعملوا علنا مصطلح العمالقة، وهو مصطلح يرتبط عالميا بفكرة الاستئصال في سفر صموئيل الأول الإصحاح ١٥، وذلك أثناء حملة عسكرية جارية.
أن المجموعة المستهدفة ليست رمزية، بل هي ما تبقى من المجتمعات القبلية الفلسطينية المنحدرة من الكنعانيين في جنوب فلسطين.
أن دمارا واسعا لحق بالمدنيين، بما في ذلك محو سلاسل كاملة من العائلات، أعقب تلك التصريحات، بما يربط بين الخطاب وبين الفعل.
وبموجب القانون التعاهدي الملزم، متى ما حدد مسؤول في دولة ما مجموعة محمية بنص سردي يأمر بالاستئصال وتلا ذلك عنف موجه ضد تلك المجموعة، يكون عتبة التحريض المباشر والعلني على الإبادة الجماعية قد تم تجاوزها. وعندما يقترن هذا الخطاب باستمرار تدمير المدنيين عبر البلديات والمجموعات القرابية، تتسع دائرة المسؤولية لتشمل جريمة الإبادة الجماعية والاضطهاد والاستئصال بوصفها جرائم ضد الإنسانية.
وعليه يقدم هذا التقرير حجة قانونية شاملة بأن استدعاء مصطلح العمالقة يشكل:
جريمة تحريض مباشر على الإبادة بموجب المادة الثالثة الفقرة (ج) من اتفاقية الإبادة الجماعية.
مسؤولية جنائية فردية بموجب المادة ٢٥ الفقرة ٣ البند (هـ) من نظام روما الأساسي.
اضطهادا واستئصالا بموجب المادة ٧ من نظام روما الأساسي.
انتهاكا لحقوق الشعوب الأصلية في البقاء والأرض والهوية بموجب المواد ٧ و٨ و١٠ من إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، التي تحظر الإبعاد القسري وتدمير الثقافة والإلغاء الديمغرافي للسكان الأصليين.
وتستند الاستنتاجات الواقعية والقانونية لهذه المذكرة إلى المعنى الظاهر لتصريحات المسؤولين العموميين ونتائج العمليات العسكرية المشاهدة وهوية المجموعة المستهدفة كما هي ثابتة، ومعايير الإثبات المعترف بها في المحاكم الدولية، ولا تستند إلى تفسيرات دينية.
النطاق.
يشمل نطاق هذا التقرير أربع دوائر مترابطة هي:
السجل الواقعي.
القانون الناظم.
تطبيق ذلك القانون على الوقائع الثابتة.
الصفة الأصلية التي تشكل أساس الحجة القانونية.
أولا، يجري بناء السجل الواقعي من تصريحات موثقة علنا صادرة عن مسؤولي دولة إسرائيل ابتداء من ٢٨ تشرين الأول ٢٠٢٣، حين:
استعمل رئيس الوزراء العبارة اذكر ما فعله بك العمالقة في بداية تصعيد العمليات العسكرية، ثم في ٣ تشرين الثاني ٢٠٢٣ حين ظهرت اللغة الاستئصالية نفسها في توجيه مكتوب موجه إلى وحدات قتالية عاملة.
والتصريحات الإضافية الصادرة خلال عامي ٢٠٢٤ و٢٠٢٥، إلى جانب وصف وزير الدفاع للفلسطينيين بأنهم حيوانات بشرية وإعلانه الحصار لا كهرباء ولا وقود ولا طعام، تخلق بيئة إثباتية يتعذر فيها فصل خطاب الدولة عن سلوكها العسكري.
ويشمل هذا السجل أيضا توثيقا قابلا للتحقق لكيفية تسرب هذه العبارات إلى مستويات القوات: هتافات مصورة من الجنود تحتفل بتدمير ذرية العمالقة، وتسجيلات على مستوى الوحدات تستحضر المصطلح أثناء عمليات الهدم والمداهمات، ومقاطع فيديو نشرها الجنود أنفسهم على منصات علنية. وتبين هذه المواد أن الخطاب لم يكن مجازيا أو خاصا أو غامضا، بل دخل إلى ثقافة العمل العملياتي لوحدات نفذت تدميرا وتهجيرا واسعين للمدنيين في غزة ومجتمعات بدوية في منطقة بئر السبع والنقب وبلديات منطقة الخليل. ومن ثم فإن الارتباط بين تلك التصريحات والاستهداف اللاحق للمدنيين وما رافقه من هدم واسع النطاق داخل مجال التحليل في هذا التقرير.
ثانيا، يشمل النطاق مراجعة كاملة للقانون الدولي الناظم، بما في ذلك:
اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام ١٩٤٨.
نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام ١٩٩٨.
أوامر التدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية في كانون الثاني ٢٠٢٤ وآذار ٢٠٢٤.
المبادئ العرفية المتعلقة بالمسؤولية الجنائية الفردية.
إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية.
الاجتهادات القضائية للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا والمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة ومحكمة العدل الدولية بشأن التحريض والنية والتحليل السياقي.
ويضع التقرير هذه الصكوك في إطارها القانوني العملي: التحريض بوصفه جريمة مستقلة، وتعريف الاضطهاد والاستئصال والإبادة الجماعية، وتحليل النية، والتزامات الدول الأطراف في منع التحريض وقمعه ومعاقبة مرتكبيه.
كما يُعامل إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية جزءا من البيئة التفسيرية الحاكمة، لأنه يكرس حقوق الشعوب الأصلية في البقاء كشعوب، والوجود على أرضها، والحماية من المحو والإبادة والتهجير القسري والاستهداف الديمغرافي.
ثالثا، يمتد النطاق إلى تطبيق هذه المعايير القانونية على السجل الواقعي:
بما في ذلك دراسة تفصيلية لمفاهيم المباشرة والعلنية والسياق والنية كما حددها القانون الجنائي الدولي. ويتناول التحليل كيف أن توصيف الفلسطينيين بأنهم العمالقة يحقق العناصر الموضوعية لجريمة التحريض: نداء محدد موجه إلى وحدات عسكرية معروفة، ونشر علني عبر قنوات رسمية، وتعزيز سياقي عبر تصريحات إضافية تنزع عن الفلسطينيين صفتهم الإنسانية، وتوقع معقول بأن مثل هذا الخطاب سينتج عنه أفعال عنيفة، وهي أفعال وقعت بالفعل على نطاق واسع. ولذلك يجري تناول الآثار القانونية المترتبة على ربط مجموعة مدنية من السكان الأصليين بسردية أمر بالاستئصال، بما في ذلك الصلة بين الخطاب والسلوك الإجرامي.
وأخيرا، يشمل النطاق الصفة الأصلية والهوية والاستمرارية للمجموعة المستهدفة:
هذا البعد جوهري لا هامشي. فيوثق التقرير الأصل الكنعاني والحضور الديمغرافي المتواصل لقبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق وقبيلة البراهيمية وقبيلة الزماعرة والحمائل والعائلات ذات الصلة في ممر بئر السبع غزة الخليل. كما يحلل قانون السكان الأصليين في هذا الممر، بما في ذلك تقاليد القسم التاريخية في جرار وبئر السبع، وآثار تسليح المصطلحات القديمة ضد مجموعة سكانية تؤيد استمراريتها على الأرض دلائل الآثار القديمة والوراثة السكانية وجغرافيا الاستيطان والرواية الشفوية والدراسات التاريخية. ومن ثم يعامل استعمال مصطلح توراتي استئصالي ضد مجموعة مدنية منحدرة من الكنعانيين بوصفه انتهاكا قانونيا مباشرا له تبعات جسيمة على مسؤولية الدولة والمسؤولية الجنائية الفردية.
ويختتم النطاق بتحديد سبل الجبر والتدابير التنفيذية المطلوبة بموجب القانون الدولي، بما في ذلك الالتزام بقمع التحريض، وملاحقة الأفراد المسؤولين عن الخطاب والأفعال ذات الطابع الإبادي، وضمان حماية السكان الأصليين لفلسطين من الأذى الديمغرافي والإقليمي المستمر. وتشكل كل من هذه المكونات جزءا أساسيا من الحجة العامة التي يتقدم بها هذا التقرير.
الأساس القانوني.
يستمد هذا التقرير سلطته من مصادر الإثبات والأدوات التعاهدية والسابقة القضائية والصفة القانونية للسكان الأصليين والتوثيق التاريخي الذي ترتكز عليه استنتاجاته. ويعتمد الأساس الواقعي على منشورات رسمية صادرة عن الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك المؤتمرات الصحفية المسجلة والتوجيهات المكتوبة والرسائل الصادرة عن مكتب رئيس الوزراء وتصريحات أخرى أدلى بها كبار المسؤولين أثناء العمليات العسكرية. وهذه المواد ذات حجية لا لقوتها الخطابية بل لأنها تشكل إقرارات مباشرة صادرة عن فاعلين من الدولة تحمل تصريحاتهم العلنية تبعات قانونية ملزمة في القانون الجنائي الدولي.
وتأتي سلطة إضافية من السجلات المقدمة إلى محكمة العدل الدولية، بما فيها المذكرات المقدمة من الدول والمرافعات الشفوية والملاحق الإثباتية التي قدمتها جنوب أفريقيا ودول متدخلة أخرى. وتوفر هذه المذكرات توثيقا مستقلا لاستخدام مصطلح العمالقة واللغة التي تنزع الصفة الإنسانية، وتشكل جزءا من السجل القضائي الذي أسهم في إصدار أوامر التدابير المؤقتة في مطلع عام ٢٠٢٤. كما يستند التقرير إلى وثائق الأمم المتحدة، بما في ذلك استنتاجات لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة وقرارات الدورات الاستثنائية الطارئة وتقارير المقررين الخاصين والتحذيرات الرسمية الصادرة عن وكالات الأمم المتحدة بشأن حجم دمار المدنيين وخطر الإبادة الجماعية.
ويتمثل مصدر آخر للسلطة في التوثيق باللغة العربية الذي رصد تسرب مصطلحات التحريض إلى سلوك الوحدات الميدانية. وهذه المصادر ليست حكايات متفرقة، بل تشمل تسجيلات يمكن التحقق منها نشرها الجنود أنفسهم، وتحقيقات صحفية، وتغطية ميدانية لوسائل إعلام فلسطينية وإقليمية وثقت كيف انتقلت التسمية الاستئصالية من منابر الدولة الرسمية إلى سلوك الوحدات العسكرية. وبما أن هذه المواد ترصد سلوك الوحدات في الزمن الفعلي، فإن لها وزنا دلاليا كبيرا في تحليل النية وتوقع النتائج.
وتستند الأبعاد التاريخية والمرتبطة بالصفة الأصلية للسلطة إلى أبحاث خاضعة لمراجعة الأقران في مجالات الآثار والأنثروبولوجيا والوراثة السكانية ودراسات استمرارية الاستيطان التي تبين الأصول الكنعانية والاستمرارية الديمغرافية للفلسطينيين في الممر الجنوبي. وتشمل هذه المواد أبحاثا في الحامض النووي القديم وتقارير مواقع أثرية وسجلات كلاسيكية وعثمانية وسجلات بلدية فلسطينية محلية تثبت استمرارية الأنساب. كما تشكل سندا أساسيا وثائق الأراضي العثمانية وسجلات العائلات والتاريخ الشفهي القبلي لقبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق والبراهيمية والزماعرة، التي توثق مجتمعة وجودا أصليا وحكما ذاتيا محليا سبق الحقبة الاستعمارية للقرن العشرين واستمر خلالها.
ويقوم الأساس التعاهدي على النصوص العربية والإنجليزية والفرنسية لاتفاقية الإبادة الجماعية ونظام روما الأساسي والصكوك ذات الصلة، التي ترسي المعايير الناظمة للتحريض على الإبادة الجماعية وجريمة الإبادة والاضطهاد والاستئصال والمسؤولية الجنائية الفردية. وتتكامل هذه المعايير مع السلطة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا والمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، التي ترسم العتبات العملية لتحليل النية والسياق وإمكانية التوقع والعلاقة بين الخطاب والجرائم المرتكبة ضد السكان المدنيين.
وأخيرا، يثبت هذا التقرير الصفة القانونية من خلال منصة قبيلة أَبِيمِيليْك، وهي هيئة للسكان الأصليين يكفل لها إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية ومبادئ حقوق الشعوب الأصلية العرفية حق الوجود وحق تعريف ذاتها وحق الحفاظ على أراضيها الأجدادية وحق طرح مطالب قانونية باسم أعضائها. ومن ثم يعمل التقرير بوصفه مذكرة قانونية رسمية موجهة إلى المحاكم وهيئات التحقيق ومؤسسات حقوق السكان الأصليين وصناع السياسات، تجمع سجلا إثباتيا كاملا للإجراءات المتعلقة بالإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات حقوق الشعوب الأصلية. وتستند سلطته إلى ما يجمعه من أدلة وإلى الصفة القانونية للشعب الأصلي الذي سعى هذا الخطاب إلى تبرير تدميره.
٢) التسلسل الزمني للتحريض العلني وانتشاره والإنكار اللاحق
التسلسل الزمني للتصريحات التحريضية واضح ومثبت ومؤرخ، ومؤيد من خلال مصادر مستقلة متعددة، بما في ذلك وسائل الإعلام العربية، ووسائل الصحافة الدولية، والمذكرات القانونية، والوثائق الحكومية الرسمية.
تسلسل الأحداث التالي يجمع بين الخطاب، وانتشاره، والعمليات الميدانية، كما هو موثق في السجلات الرسمية والمواد المتاحة من المصادر المفتوحة، وهو تسلسل يكفي قانونا للمضي قدما في تكييف جريمة التحريض والتعامل مع الخطاب بوصفه دليلا ذا قيمة في إثبات النية الخاصة.
أ) تصريح رئيس الوزراء في ٢٨ تشرين الأول ٢٠٢٣.
يبدأ التسلسل في ٢٨ تشرين الأول ٢٠٢٣، عندما أعلن رئيس وزراء دولة إسرائيل علنا أثناء حملة عسكرية جارية العبارة التالية اذكر ما فعله بك العمالقة. لم يكن هذا تعليقا عابرا، بل كان استدعاء مباشرا لمصطلح يرتبط في النص الديني بأمر بالاستئصال الكامل، وصدر في لحظة تصعيد للعمليات. وقد نُقل هذا التصريح على نطاق واسع وأعيد نشره في وسائل الإعلام العربية بسبب طابعه الصريح والمفزع.
وفي خطاب رسمي بثه الموقع الإلكتروني لحكومة إسرائيل، صرح رئيس الوزراء بالقول اذكر ما فعله بك العمالقة مع الإشارة إلى سفر التثنية ٢٥:١٧، مضيفا نحن نتذكر ونقاتل، وربط هذا الاستدعاء مباشرة بسير العمليات بقوله إلى جنودنا الشجعان الموجودين الآن في غزة. وهذا الخطاب سجل حكومي علني مؤرخ ومتاح على منصة رسمية.
ب) رسالة ٣ تشرين الثاني ٢٠٢٣ إلى الجنود.
ظهرت العبارة نفسها اذكر ما فعله بك العمالقة في رسالة مكتوبة صدرت عن مكتب رئيس الوزراء وموجهة إلى جنودنا وقادتنا، وجرى توزيعها عبر القنوات الرسمية وأعادت نشرها عدة وسائل إعلام. وهذه الصيغة مهمة قانونيا لأن المخاطبين بها هم القوات المسلحة المنخرطة في ساحة قتال فعلية.
في ٣ تشرين الثاني ٢٠٢٣ أصدر مكتب رئيس الوزراء رسالة رسمية إلى الجنود يكرر فيها الإشارة إلى العمالقة. وقد استندت جنوب أفريقيا لاحقا إلى هذه الوثيقة أمام محكمة العدل الدولية باعتبارها دليلا على التحريض المباشر. ونشرت غرف الأخبار العربية النص كاملا وقدمته في سياقه بوصفه نداء حربيا في زمن العمليات. والطابع الرسمي للوثيقة، والجهة المخاطبة بها أي المقاتلون، وتوقيتها أثناء الحملة العسكرية، تجعل منها عنصرا مركزيا في البناء الإثباتي.
ج) نزع الصفة الإنسانية من قبل كبار المسؤولين.
في ١٠ تشرين الأول ٢٠٢٣ وصف وزير الدفاع علنا الفلسطينيين في غزة بأنهم حيوانات بشرية، وأعلن فرض حصار كامل بصيغة لا كهرباء ولا طعام ولا وقود. ويعد نزع الصفة الإنسانية عن مجموعة سكانية مسارا كلاسيكيا يمهد للعنف الجماعي، ويحمل وزنا قانونيا في تحليل السياق والنية عندما يقترن بأفعال أخرى.
لقد أسهم تصريح وزير الدفاع عن الحيوانات البشرية في تكوين بيئة خطابية أوسع تنزع عن الفلسطينيين صفتهم الإنسانية. وعلى الرغم من أن هذا التصريح لا يتضمن إشارة مباشرة إلى العمالقة، إلا أنه يشكل جزءا من مصفوفة التحريض في القانون الجنائي الدولي من خلال تجريد المجموعة المستهدفة من إنسانيتها. وتعترف اجتهادات المحكمة الجنائية الدولية لرواندا بأن نزع الصفة الإنسانية عنصر محدد في مراحل التحضير للإبادة الجماعية.
د) انتشار الخطاب إلى الرتب الدنيا دليل الأناشيد العسكرية.
طوال أواخر عام ٢٠٢٣ وعلى امتداد عام ٢٠٢٤ ظهرت تصريحات مصورة عديدة لجنود، تم تداولها على منصات تملكها وتديرها شركات أمريكية، تستدعي تعبير ذرية العمالقة أثناء الاحتفاء بأفعال مثل الهدم والحرق والاغتصاب وإطلاق النار العشوائي. وتبين المواد المتاحة من المصادر المفتوحة أن جنودا يهتفون امحوا ذرية العمالقة أثناء العمليات. وتؤكد جهات تحقق مستقلة صحة الترجمة والسياق.
وبحلول عام ٢٠٢٥ كانت منصات التحقيق العربية قد رصدت تكرار استعمال صورة العمالقة في خطابات على مستوى الكتائب، وفي التوجيهات الميدانية، وفي التسجيلات المنشورة على وسائل التواصل. ويبين هذا النمط استمرارية في الخطاب، وقابلية متوقعة لتأويله على نحو استئصالي، وترابطا مع تدمير المدنيين على الأرض. وبموجب القانون الدولي، يستوفي هذا التسلسل شروط المباشرة والعلنية والسياق والربط الإثباتي بين الخطاب والأفعال اللاحقة.
وتشكل قابلية هذا الانتشار للتوقع جزءا من تحليل التحريض. فعندما يستخدم رأس الحكومة مصطلحا استئصاليا، يكون انتشاره عبر الرتب الأدنى نتيجة متوقعة. ويغدو تكرار استعماله في الوحدات أمرا متوقعا بمجرد أن يعمد القادة إلى إطلاق هذا المجاز.
هـ) الدفاع عن الاستشهاد.
في ١٦ كانون الثاني ٢٠٢٤ أصدر مكتب رئيس الوزراء بيانا يرفض فيه القول إن استعماله لمصطلح العمالقة يشكل تحريضا ويدخل في إطار الدعوة إلى الإبادة الجماعية، وفي الوقت نفسه يؤكد أنه بالفعل أشار إلى العمالقة في خطاب ٢٨ تشرين الأول وفي رسالة ٣ تشرين الثاني.
وهذا الإنكار اللاحق لا يحمل أهمية قانونية؛ ففي قضايا التحريض، ما يحدد توافر الأركان هو وقوع التصريح ذاته وتوقيته والجهة المخاطبة به وسياقه، وليس الوصف الذي يلحقه المتحدث بكلماته بعد ذلك.
و) الإجراءات الدولية التي لاحظت التحريض.
في ٢٦ كانون الثاني ٢٠٢٤ أصدرت محكمة العدل الدولية أوامر تدابير مؤقتة في قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، وقد أبرز محامو جنوب أفريقيا خلالها الاستعمال المباشر لمصطلح العمالقة في التحريض على الإبادة الجماعية من قبل القوات المسلحة ضد السكان الأصليين لفلسطين. ومن بين جملة الالتزامات أُمِرت إسرائيل بمنع ومعاقبة كل تحريض مباشر وعلني على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ريثما يُفصل في الدعوى من حيث الأساس. وأكدت الأوامر اللاحقة في آذار وأيار ٢٠٢٤ هذه التدابير ووسعتها.
ز) استنتاجات لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة لعام ٢٠٢٥.
في ١٦ أيلول ٢٠٢٥ أصدرت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة تقريرا خلصت فيه إلى أن إسرائيل ارتكبت جريمة إبادة جماعية في غزة، واستندت في ذلك إلى خطاب كبار المسؤولين، بما في ذلك استدعاء العمالقة، بوصفه دليلا على النية الخاصة. وقد رفضت إسرائيل هذا التقرير. ويعد استنتاج اللجنة بشأن الإبادة الجماعية أول حسم تحقيقي أممي رسمي يربط بين خطاب القيادة وسياسة الحصار وأنماط التدمير في صورة جريمة إبادة مكتملة الأركان، ويتعامل صراحة مع لغة من نوع العمالقة بوصفها إحدى الدلالات على نية الإبادة وليس تعليقا هامشيا. ومن زاوية هذا التسلسل الزمني، يحول تقرير لجنة التحقيق المخاوف السابقة من التحريض إلى تأكيد مستقل صادر عن طرف ثالث بأن خطاب كبار المسؤولين، بما في ذلك استدعاء العمالقة تحديدا، قد عمل كدليل ذي وزن على نية الإبادة الموجهة ضد السكان الأصليين لفلسطين في هذا الممر.
ح) تحرك المحكمة الجنائية الدولية.
في ٢٠ أيار ٢٠٢٤ تقدم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بطلب أوامر توقيف في قضية الوضع في دولة فلسطين. وتعرض كلمة المدعي العام العلنية وتحليلات مستقلة لاحقة الأساس القانوني، بما في ذلك عناصر الجرائم ضد الإنسانية ذات الصلة بجريمتي الاضطهاد والاستئصال. ورغم أن قرار الغرفة التمهيدية في تلك الطلبات ما زال قيد النظر، فإن مجرد تقديم الطلب يبين أن السجل الإثباتي الذي يجمع بين خطاب القيادة وسياسة الحصار والهجمات واسعة النطاق على المدنيين كاف، في نظر المدعي العام، لتبرير طلب توقيف مسؤولين محددين بالاسم.
وفي إطار هذا التقرير يؤكد تحرك المحكمة الجنائية الدولية أن مجموعة الوقائع نفسها، التي تشمل استدعاءات العمالقة، يجري التعامل معها بالفعل في أعلى محفل جنائي عالمي بوصفها أساسا محتملا لجرائم اضطهاد واستئصال وجرائم أخرى ضد الإنسانية ارتكبت بحق سكان مدنيين من السكان الأصليين لفلسطين المنحدرين من الكنعانيين في هذا الممر.
٣) القانون الحاكم
القانون الحاكم المطبق في هذا التقرير يستند إلى معاهدات ملزمة، وقواعد عرفية راسخة في القانون الدولي، وثلاثة عقود من الاجتهاد القضائي الصادر عن المحاكم الجنائية الدولية، التي صاغت الطريقة التي تنظر بها المحاكم إلى قضايا التحريض والإبادة الجماعية والاضطهاد والاستئصال. ويشكّل هذا الرصيد القانوني إطارا واحدا متماسكا يحكم تفسير استعمال كبار مسؤولي الدولة للمصطلحات الاستئصالية في الفضاء العام خلال فترات النزاع المسلح. وفي هذا الإطار لا يعد استدعاء مصطلح العمالقة في مواجهة الفلسطينيين بين تشرين الأول ٢٠٢٣ وتشرين الثاني ٢٠٢٥ خلافا لاهوتيا ولا مسألة تأويل بلاغي، بل هو سلوك تترتب عليه نتائج قانونية محددة بوضوح، ويستدعي أعلى درجات مسؤولية الدولة والمسؤولية الجنائية الفردية. وتنطلق منصة قبيلة أَبِيمِيليْك من هذه المعايير القانونية النافذة، لا من التأويل الرمزي، مستندة إلى المعايير التي أقرتها محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، ومنظومة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، والاجتهاد الجنائي الدولي في القضايا التي يعمل فيها الخطاب كسلاح ضد السكان الأصليين.
أ) اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام ١٩٤٨
تشكّل اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها الصك المؤسس الذي ينظم حظر جريمة الإبادة الجماعية والعقاب عليها وعلى التحريض عليها، وهي نقطة الانطلاق في هذا التحليل. وتعرّف الاتفاقية الإبادة الجماعية بوصفها أفعالا محظورة معينة، من بينها قتل أعضاء الجماعة، وإلحاق أذى جسدي أو عقلي جسيم بها، وفرض ظروف معيشية يقصد بها تدميرها المادي، وفرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخلها، والنقل القسري للأطفال، متى ارتكبت بقصد تدمير جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه كليا أو جزئيا. غير أن أهمية الاتفاقية لا تقتصر على تعداد هذه الأفعال، بل تمتد إلى النص على التحريض بوصفه جريمة مستقلة قابلة للملاحقة بذاتها. وهذه الاستقلالية أساسية لأنها تجسد إدراك المشرعين الدوليين أن الدعوات العلنية إلى تدمير جماعة محمية تمثل خطرا بالغ الجسامة يجعل المسؤولية الجنائية قائمة حتى قبل شروع الجناة في تنفيذ الأفعال المادية للإبادة.
لذلك تحتل المادة الثالثة الفقرة ج التي تجرّم التحريض المباشر والعلني على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية مكانة مركزية في هذا التقرير. ولا تشترط الاتفاقية أن تكون الإبادة الجماعية قد اكتملت أو حتى بدأت في صورتها المادية حتى يصبح التحريض قابلا للعقاب. وقد أكدت المحاكم الدولية مرارا أن هذه المادة ذات طابع وقائي، هدفها ردع النتائج الكارثية المتوقعة عندما يدعو كبار المسؤولين علنا إلى تدمير جماعة. فهي تعالج التحريض بوصفه جريمة مستقلة لأن الدعوات العلنية إلى التدمير تشكل تهديدا وجوديا للفئات المستضعفة.
وتقر الاتفاقية بأن الفئات المحمية هي الجماعات القومية والإثنية والعرقية والدينية. ويندرج السكان الأصليون لفلسطين المنحدرون من الكنعانيين، ومنهم قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق، بوضوح ضمن الفئتين القومية والإثنية. وحيث إن الحماية لا تستند إلى التصنيف الديني بل إلى السمات الموضوعية للهوية والنَسَب والاستمرارية، فإن مركز قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق معترَف به بالكامل في إطار هذه الاتفاقية. ولا تتيح الاتفاقية أي استثناء للخطاب الذي يُقدَّم في صورة كلام ديني أو تاريخي أو رمزي؛ فإذا استوفى محتوى الخطاب وسياقه العتبة القانونية للتحريض المباشر والعلني، قامت المسؤولية بغض النظر عن النية اللاهوتية التي يدعيها المتحدث.
وتفرض الاتفاقية التزامات إيجابية على جميع الدول الأطراف. فواجب منع الإبادة الجماعية ليس التزاما سلبيا أو شكليا، بل يبدأ من اللحظة التي تتيقن فيها الدولة من وجود خطر جسيم لوقوع الإبادة. وكما أقرت محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية في البوسنة، ينشأ هذا الالتزام بمجرد علم الدولة بالخطر، ولا ينتظر تحوله إلى أفعال مادية. وبالمثل لا يعد واجب المعاقبة مسألة تقديرية؛ إذ يتعين على الدول ملاحقة الأشخاص المسؤولين عن الإبادة أو عن التحريض عليها أينما وجدوا، دون حصانة للموقع أو المنصب، وأن تباشر ذلك ليس فقط داخل إقليمها بل في كل موضع تمتلك فيه القدرة على التأثير في النتائج. وتلزم هذه الواجبات جميع الدول الأطراف، بما فيها الدول البعيدة جغرافيا عن مسرح النزاع، لأن الإبادة الجماعية والتحريض عليها يعدان انتهاكا لالتزامات في مواجهة المجتمع الدولي بأسره.
وفي السياق الحاضر يجب تقييم الاستعمال العلني لمصطلح العمالقة من جانب مسؤولي الدولة في ضوء أحكام المادة الثالثة الفقرة ج. فالمضمون الدلالي لهذا المصطلح في رواية الحرب الواردة في سفر صموئيل الأول الاصحاح الخامس عشر، حيث تُعرض صورة أمر بتدمير جماعة تسكن أرضا يراد غزوها، ثابت في السجل النصي. ويرتبط المصطلح في هذا النص بسردية استئصال كامل. وعندما يستعمل متحدثون معاصرون هذا المصطلح في خضم حملة عسكرية ضد السكان الأصليين للأرض نفسها، فإنهم ينقلون إلى جمهورهم معنى الإبادة. وقد وُجه هذا المصطلح علنا إلى جماعة محمية، وإلى الجنود المنخرطين في عمليات ضد تلك الجماعة، وتبعته حالات واسعة من قتل المدنيين وتدمير حياتهم. وبموجب الاتفاقية لا يدور السؤال حول ما إذا كان المتحدث يقصد قراءة لاهوتية معينة، بل ينصب على معيار موضوعي يركز على طبيعة التلفظ، والظروف التي صدر فيها، والجمهور المخاطب، والأثر المتوقع، والبيئة العملياتية المحيطة. وعندما يعقب هذا الاستدعاء سقوط أعداد هائلة من القتلى المدنيين، وإزالة سلالات عائلية، وتدمير سجلات بلدية قائمة على النَسَب، وفرض ظروف تجويع، واستهدافا منهجيا للبنية التحتية المدنية، وعمليات تهجير واسعة النطاق، يصبح الاستنتاج القانوني واضحا لا لبس فيه وهو أن هذه الخطب تدخل في نطاق المادة الثالثة الفقرة ج بوصفها تحريضا مباشرا وعلنيا على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.
ب) نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام ١٩٩٨
يبني نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على اتفاقية الإبادة الجماعية من خلال إنشاء محكمة دائمة، وتحديد الجرائم الداخلة في ولايتها، وتنظيم أنماط المسؤولية الجنائية الفردية. وفي هذا التقرير تبرز أهمية النظام من ثلاث زوايا رئيسية هي تعريفه لجريمة الإبادة الجماعية في المادة السادسة، وتكييفه للجرائم ضد الإنسانية في المادة السابعة، ونصه الصريح في المادة الخامسة والعشرين الفقرة الثالثة الحرف هـ على المسؤولية عن التحريض المباشر والعلني.
وتعتمد المادة السادسة تعريف الإبادة الجماعية الوارد في اتفاقية الإبادة الجماعية. وفي السياق الراهن لا ينصب التركيز على اكتمال جريمة الإبادة، بل على إدماج مسؤولية التحريض في بنية النظام. فالمادة الخامسة والعشرون الفقرة الثالثة الحرف هـ تنص على أن كل شخص يحرض مباشرة وعلنا آخرين على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية يكون مسؤولا جنائيا، حتى وإن لم تُرتكب الجريمة في الواقع. وهذا يعكس مضمون المادة الثالثة الفقرة ج من اتفاقية الإبادة الجماعية، لكنه يضعها ضمن نظام مساءلة مفصل أمام المحكمة الجنائية الدولية. وبذلك يعامل النظام التحريض بوصفه جريمة قائمة بذاتها حتى في مرحلة الشروع، اتساقا مع الطابع الوقائي للقانون الجنائي الدولي. واستدعاء مصطلح العمالقة، الذي يعني في هذا السياق الأمر بتدمير جماعة سكانية أصلية، من قبل قادة دولة يخوضون حملة عسكرية مستمرة، يندرج بوضوح تحت هذا النمط من المسؤولية، لأنه يعمل كلغة يمكن أن يتوقع منها بصورة معقولة أن تدفع أو تسرع الأفعال ذات الطابع الإبادِي.
وتعرّف المادة السابعة الجرائم ضد الإنسانية، بما فيها الاضطهاد، والاستئصال، والقتل، والترحيل أو النقل القسري للسكان، وأعمال لا إنسانية أخرى، متى ارتُكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين مع العلم بالهجوم. ويُفهم الاضطهاد بوصفه الحرمان العمدي والشديد من الحقوق الأساسية خلافا للقانون الدولي، بسبب هوية الجماعة أو الكيان المستهدف. أما الاستئصال فيشير إلى القتل الجماعي لأعضاء من السكان المدنيين في سياق هجوم واسع النطاق أو منهجي. وعندما يعرّف قادة الدولة السكان الأصليين لفلسطين بوصفهم العمالقة، وهو مصطلح توراتي يرتبط تاريخيا بأسلافهم الكنعانيين لكنه يستخدَم حديثا كمبرر لتدميرهم، تتحقق عناصر الاضطهاد من حيث الاستهداف القائم على الهوية، والحرمان الجسيم من الحقوق الأساسية، والسلوك المنهجي الهادف إلى تصفيتهم. وعندما تعقب هذا الخطاب عمليات قتل جماعي وتجويع وتدمير للمنازل والقرى والسلالات العائلية، وترحيل قسري أو تشتيت للسكان، تتحقق عناصر جريمة الاستئصال.
وهكذا يعيد نظام روما التأكيد على أن الخطاب لا يتمتع بحصانة عندما يعمل كسلاح ويسهم بصورة مباشرة في حملة تدمير. فهو يقر بأن الاستهداف الخطابي والاستهداف العسكري للسكان الأصليين المحميين ليسا ظاهرتين منفصلتين، بل مكونان متداخلان للجرائم ضد الإنسانية. وبالنسبة لقبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق وسائر المجتمعات الأصلية ذات الصلة، فإن هذه البنية القانونية مهمة للغاية لأنها تثبت أن محور التحليل لا يدور حول نقاشات لاهوتية مجردة، بل حول أفعال وأقوال ملموسة تصدر عن أشخاص معروفين يتقلدون مواقع سلطة، وتترتب على كلماتهم نتائج عملياتية. ويُقيّم النظام هذه الكلمات في سياقها، آخذا في الاعتبار مكانة المتحدث، والجمهور المخاطب، والبيئة العملياتية، والسلوك اللاحق للقوات المسلحة، وما ينتج عنه من آثار على السكان المدنيين، ليحمّل هؤلاء الأشخاص مسؤولية فردية عندما يتجاوزون حدود التحريض ويقترن سلوكهم بهجمات واسعة النطاق أو منهجية على المدنيين.
ج) العناصر الاجتهادية لجريمة التحريض
على مدى عقود عدة وضحت المحاكم الجنائية الدولية، ولا سيما المحكمة الجنائية الدولية لرواندا، العناصر التي تجعل الخطاب قابلا للعقاب بوصفه تحريضا مباشرا وعلنيا على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. وقد بلورت هذه الأحكام كيفية تحليل مفهومي المباشرة والعلنية، وكيفية وزن السياق، وكيفية استنباط النية. وتنعكس هذه العناصر اليوم في الأدلة العملية والأدوات التحليلية والشروح القانونية التي تجمع الاجتهاد من أجل استخدامها في التحقيقات والملاحقات. ويحدد هذا الاجتهاد أربعة مكونات تحليلية محورية هي المباشرة، والعلنية، والنية، والسياق. وهذه المكونات ليست مبادئ نظرية، بل تطبقها النيابات العامة والمحاكم لتحديد ما إذا كان الخطاب موضع البحث قد صيغ بهدف أو مع قابلية متوقعة لأن يفضي إلى أعمال تدمير.
ولا تستلزم المباشرة استعمال عبارات صريحة من قبيل اذهبوا واقتلوا. فقد قضى الاجتهاد الجنائي الدولي بأن اللغة المشفرة، والإشارات التاريخية، والرموز الثقافية، والتعابير التي يفهمها الجمهور المقصود قد تستوفي عتبة المباشرة عندما تتضمن دعوة إلى التدمير. وفي هذا التحليل القانوني لا تأتي أهمية مصطلح العمالقة من اللاهوت أو الادعاء بسلطة من الماضي، بل من كونه في السرد الحربي المنسوب لبني إسرائيل قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام يظهر في سياق حملة عسكرية يعلن فيها جيش وافد تفويضا بالتدمير الكامل لجماعة تسكن الأرض المراد غزوها. وتنشأ أهميته أيضا من ظهوره في سياق تاريخي يصوَّر فيه أمر باستئصال شعب من الأرض التي يسكنها لصالح قوة غازية. والمحاكم الدولية لا تقضي في النزاعات القديمة، بل تنظر في الكيفية التي يوظف بها مسؤولو الدول المعاصرون لغة مفهومة تاريخيا أثناء العمليات العسكرية. وعندما يستدعي القادة مصطلحا يرتبط بالإفناء في اللحظة ذاتها التي تنفذ فيها قواتهم هجمات واسعة النطاق على مجموعة مدنية أصلية محددة يمكن التعرف عليها، فإن هذا الخطاب يحمل معنى واضحا هو الإبادة، ويعمل كإشارة إلى تكرار أمر بالإفناء، وينقل هدفا استئصاليا يفي بمعيار المباشرة للتحريض في القانون الجنائي الدولي. وفي حالة العمالقة تكون دلالة المصطلح داخل البيئة الثقافية واللغوية الإسرائيلية معروفة ومتداولة، إذ يحيل إلى سرد إبادي، ويدركه المدنيون والعسكريون على السواء بهذه الدلالة، ويكون استدعاؤه وقت الحرب حاملا لمعنى الإبادة الصريح.
وتقتضي العلنية أن ينتشر الخطاب خارج الأطر الخاصة الضيقة. فالخطب العلنية، والقنوات الحكومية، والرسائل الرسمية، والبث الإعلامي كلها تلبي هذا المعيار. ويعني شرط العلنية أن يُنقَل الخطاب المحرض إلى عدد من الأشخاص في فضاء عام أو عبر وسيلة تنقله إلى عموم الناس. فالخطب التي تُلقى عبر المنابر الرسمية للدولة، والرسائل الموجهة إلى القوات المسلحة والمنشورة عبر منصات عامة، والتصريحات المسجلة التي يجري تداولها في وسائل الإعلام، كلها أمثلة نموذجية على العلنية. والتصريحات التي يحللها هذا التقرير ألقيت في خطب رسمية، ونشرت على مواقع حكومية، وتناقلتها وسائل الإعلام الكبرى، ومن ثم فإن شرط العلنية متحقق فيها دون لبس.
أما النية فيمكن استنتاجها من الظروف المحيطة، وأنماط الخطاب، والأفعال اللاحقة. وتنظر المحاكم إلى مضمون الكلام، ومكانة المتحدث ودوره، وبيئة العنف ونزع الإنسانية المحيطة، والسلوك اللاحق للجمهور المخاطب. ورغم أن جريمة التحريض لا تشترط اكتمال الإبادة الجماعية، فإن وقوع فظائع واسعة النطاق عقب الخطاب المحرض يعزز الاستنتاج بأن المتحدث قصد تلك الأفعال أو تقبل احتمال وقوعها. وعندما يستعمل كبار المسؤولين مصطلحا استئصاليا ثم تقوم القوات الخاضعة لسلطتهم بتدمير جماعات مدنية على نطاق واسع، يتعزز استنتاج نية الإبادة. وعندما يطلق قادة الدولة على السكان الأصليين لفلسطين تسمية العمالقة ثم يوجّهون أو يشرفون على عمليات ينتج عنها قتل واسع وتدمير لتلك الجماعات، تتوافر العناصر الاجتهادية للتحريض والنية الإبادية معا.
ويُكمل السياق لوحة التحليل. فالسياق يشمل الخطاب المحيط، والتطورات العملياتية، وأنماط العنف، والبيئة العامة للتمييز. وتشكل التصريحات المحيطة من قبيل وصف الناس بالحيوانات البشرية، وإعلانات الحصار الكامل التي حرمت المدنيين من الحاجات الأساسية، والعوائق المنهجية أمام وصول المساعدات الإنسانية، ولغة نزع الإنسانية، الإطار الذي تُفهم ضمنه استدعاءات العمالقة. كما تشكل أنماط التجويع، والقصف، والتدمير الديمغرافي، والاستهداف الممنهج للبنى التحتية المدنية، المصفوفة السياقية التي أرساها اجتهاد المحكمة الجنائية الدولية لرواندا وسائر المحاكم الجنائية الدولية. وقد أكدت هذه المحاكم مرارا أن التحريض لا يمكن تقييمه بمعزل عن البيئة العامة للتمييز والعنف وخطاب الكراهية التي تحيط به.
د) الأوامر المؤقتة والالتزامات الناشئة عنها
تشكل أوامر التدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية في قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل الحلقة الأخيرة في طبقة القانون الحاكم. ففي ٢٦ كانون الثاني ٢٠٢٤ خلصت المحكمة إلى أن هناك حالة قابلة للقول إن حقوق الفلسطينيين بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية مهددة بضرر لا يمكن إصلاحه، وألزمت إسرائيل، ضمن تدابير أخرى، بمنع ومعاقبة أي تحريض مباشر وعلني على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. وتوضح هذه الأوامر بصورة إضافية التزامات الدول عندما يوجد خطر معقول بوقوع الإبادة. وهي لا تفصل في جوهر ادعاء الإبادة، لكنها تفرض مع ذلك التزامات فورية وملزمة على الدولة المدعى عليها. وبمجرد صدور التدابير المؤقتة تصبح الدولة مخاطبة بها ملزمة بتنفيذها فورا، ويعد استمرار التحريض أو عدم اتخاذ إجراءات لكبحه أو الإخفاق في التحقيق مع مرتكبيه ومعاقبتهم إخلالا إضافيا بالاتفاقية وبأمر ملزم صادر عن المحكمة. وبهذا تحوّل التدابير المؤقتة ما كان يمكن وصفه سابقا بأنه تصريحات سياسية مثيرة للجدل إلى سلوك يخضع لرقابة قانونية مشددة ويقترن بالتزامات واضحة على عاتق الدولة.
وقد أعادت الأوامر اللاحقة في آذار وأيار ٢٠٢٤ التأكيد على هذه الالتزامات ووسعتها في ضوء تطور الوقائع على الأرض. وبالنسبة للسكان الأصليين، مثل قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق والقبائل الكنعانية المنحدرة منها في الممر الجنوبي، تشكل هذه الأوامر اعترافا دوليا بالخطر الحاد الذي يواجهونه، وتدوينا قانونيا للواجبات المستحقة لهم. ومن ثم فإن استمرار استعمال خطاب العمالقة أو الدفاع عنه بعد صدور التدابير المؤقتة لا يعد مجرد سلوك سياسي غير مسؤول، بل يمثل انتهاكا لسلطة قضائية دولية عليا وشكلا مشددا من التحريض في سياق حذرت فيه أعلى محكمة دولية سلفا من وجود خطر معقول بوقوع إبادة وأمرت باتخاذ تدابير لمنعها.
وإذا ما جُمعت أحكام اتفاقية الإبادة الجماعية، ونظام روما الأساسي، والاجتهاد الدولي في جريمة التحريض، وأوامر محكمة العدل الدولية المؤقتة، يتشكل إطار قانوني موحد ومتسق. وفي هذا الإطار لا يُعد استدعاء العمالقة في مواجهة السكان الأصليين لفلسطين، بما في ذلك القبائل الكنعانية المنحدرة في الممر الجنوبي وقبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق، تعبيرا محميا أو تعليقا رمزيا أو خطابا دينيا مجردا، بل يعد فعلا تترتب عليه نتائج قانونية مباشرة، وتحريضا مباشرا وعلنيا على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وعنصرا من عناصر جريمتي الاضطهاد والاستئصال بوصفهما من الجرائم ضد الإنسانية، وانتهاكا لحقوق الشعوب الأصلية في القانون الدولي. ويتعامل هذا القانون الحاكم مع هذا الخطاب بوصفه سلوكا إجراميا محتملا في أعلى مستوى من مستويات القانون الدولي، بما يفعّل مسؤولية الدولة ومسؤولية الأفراد جنائيا معا.
٤) تطبيق القانون على الوقائع
المباشرة.
تتحقق المباشرة عندما تشير اللغة صراحة إلى إيقاع الأذى بجماعة محمية، بطريقة يفهمها الجمهور المقصود بوصفها دعوة إلى الفعل. إن العبارة «اذكر ما فعله بك العمالقة» مرتبطة بلا لبس بسردية الاستئصال التام في سفر صموئيل الأول الاصحاح الخامس عشر. وعندما تصدر هذه العبارة من رئيس حكومة أثناء انخراط القوات المسلحة في عمليات عسكرية فعلية، فإنها تؤدي وظيفة الحث والتحريض وليست توصيفا تاريخيا مجردا. ويضاعَف عنصر المباشرة بتكرار العبارة ذاتها في رسالة رسمية مؤرخة في ٣ تشرين الثاني ٢٠٢٣ موجهة إلى الجنود، لأن المخاطَبين هنا فاعلون قادرون يمتلكون الوسائل المادية لتنفيذ العنف. وقد رسخت المحاكم الجنائية الدولية، استنادا إلى خبرة ثلاثة عقود، مبدأ مفاده أن اللغة المشفرة، أو الإشارات التاريخية، أو الاستدعاءات الدينية يمكن أن ترقى إلى مستوى التحريض المعاقب عليه عندما يكون معناها التدميري واضحا في الثقافة القانونية والسياسية والعسكرية للجمهور المخاطب.
وعند تطبيق هذا المبدأ على الحالة الراهنة تشير قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق إلى أن استدعاء رئيس الحكومة لمصطلح «العمالقة» لم يقع في فراغ، بل جاء في اللحظة نفسها التي كانت فيها الوحدات العسكرية تدخل مناطق مدنية كثيفة يسكنها السكان الأصليون لفلسطين في الممر الممتد بين بئر السبع، غزة، والخليل، وتباشر عمليات تملك قدرة تدميرية ساحقة. ويحمل هذا المصطلح معنى محددا داخل البيئة الثقافية والعسكرية والسياسية في الكيان، إذ يشير إلى أمر مُتَخَيَّل بالاستئصال، محفوظ في الذاكرة الجمعية ومفهوم لدى الجنود والضباط وشرائح واسعة من الجمهور بوصفه دعوة إلى القضاء على سلالة عدو محدد النسب. وفي هذه البيئة لا يعمل «العمالقة» بوصفه استعارة، بل بوصفه إشارة إلى نموذج أمر بالإبادة مضمَّن في سردية الفتح القديمة، جرى استحضاره قصدا في لحظة كان فيها الجنود في وضع يسمح لهم بتحويل معناه إلى ممارسة عملياتية.
والاختبار القانوني لعُنصر المباشرة ينصب على ما إذا كان الجمهور المقصود قد فهم الخطاب بوصفه دعوة إلى فعل تدميري. وتشكل الهتافات التي سجلها الجنود أنفسهم، والخطب الميدانية في مستوى الكتائب، والتسجيلات التي يحتفل فيها أفراد الوحدات بـ «محو نسل العمالقة»، دليلا فوريا على أن خطاب العمالقة فُسِّر فعلا على أنه تعليمات لتنفيذ السلوك الإبادِي المرتبط بالمصطلح. ويُستوفى بذلك شرط التوقع المعقول؛ فعندما يطلق مسؤول رفيع خطابا استئصاليا موجها إلى وحدات مسلحة على وشك الهجوم، ثم يعيد أفراد هذه الوحدات إنتاج اللغة نفسها وهم ينفذون أفعالا تدميرية، يكون الخطاب قد بلغ عتبة التحريض المباشر في منظور القانون الجنائي الدولي.
العلنية.
أُلقيت هذه التصريحات في العلن، وسُجلت، وتُم تناقلها عبر القنوات الرسمية، وأعيد نشرها على منصات إعلامية واسعة الانتشار. وتشكل العلنية متطلبا شكليا صريحا في المادة الثالثة الفقرة ج من اتفاقية الإبادة الجماعية. وفي هذه الحالة يتحقق الشرط دون أي مجال للجدل؛ إذ إن المواقع الحكومية، والمؤتمرات الصحفية، والمراسلات الرسمية تشكل منابر علنية بالمعنى القانوني. وقد أكدت محكمة العدل الدولية أن تصريحا تحريضيا واحدا يصدر علنا عن مسؤول رفيع يمكن أن يكون كافيا لاستدعاء التزام الدولة بمنع الإبادة الجماعية.
وفي الوضع القائم أُلقي خطاب ٢٨ تشرين الأول ٢٠٢٣، ورسالة ٣ تشرين الثاني ٢٠٢٣ إلى الجنود، والمؤتمرات الصحفية اللاحقة، وبيانات الدفاع عن استعمال خطاب العمالقة، جميعها عبر قنوات رسمية للدولة، ووصلت إلى جمهور وطني ودولي، وتضخمت عبر وسائل الإعلام العالمية، بما في ذلك غرف التحرير العربية التي نشرت النص الأصلي وشرحت سياقه للرأي العام الإقليمي. ولم تحاول الدولة إخفاء هذه التصريحات، بل قُدِّمت عن قصد بوصفها رسائل سياسية وعسكرية رسمية. وهذه النقطة حاسمة في القانون الدولي؛ فالتحريض يُجرَّم لأن الخطاب العلني يمتلك قدرة استثنائية على تعبئة العنف الجماعي. ومن ثم فإن الانتشار الواسع لخطاب العمالقة يضاعف خطورة الجريمة ويشدد وصفها القانوني.
السياق.
يربط السياق بين الخطاب والبيئة العملياتية الميدانية. ففي هذه القضية يضم السياق تصريحات الحصار الكامل، وعبارة «حيوانات بشرية»، وأنماط التدمير الموثقة ضد المدنيين، كما يضم انتشار الهتافات المبنية على خطاب العمالقة بين الجنود الظاهرين في تسجيلات متعددة. وفي الاجتهاد الخاص بالتحريض لا يعد السياق خلفية ثانوية، بل هو عنصر قانوني حاسم يحدد ما إذا كان الخطاب مرجحا أن يسهم في أفعال غير مشروعة. إن الجمع بين مصطلحات استئصالية، ولغة نزع الإنسانية، واستهداف واسع النطاق للمدنيين يحقق الرابطة السياقية التي تتطلبها المحاكم الجنائية الدولية. وقد تعامل تقرير لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في أيلول ٢٠٢٥ مع تصريحات القيادة بوصفها جزءا عضويا من مناخ النية الإبادية لا مجرد تعليقات هامشية.
لقد ظهرت استدعاءات العمالقة في بيئة ترافقت فيها الخطابات مع أفعال سحبت من السكان الأصليين لفلسطين في الممر الجنوبي أبسط ضماناتهم في القانون الإنساني الدولي. فقد مثّل إعلان الحصار، وقطع الكهرباء والغذاء والماء والوقود، فرض ظروف معيشية مقصودة التهديد لبقاء الجماعة. وساهم وصف الناس بـ «الحيوانات البشرية» في إزالة القيود الأخلاقية المفترضة على معاملة السكان، وأرسل إلى القوات المسلحة إشارة بأن الحماية المدنية المعتادة قد عُلِّقت. وتبرهن أنماط القصف اللاحق، وتدمير الأحياء السكنية، وقتل المجموعات العائلية، ومحو السجلات البلدية المعتمدة على النَسَب، على أن البيئة الخطابية والبيئة العملياتية عملتا معا بوصفهما بنية واحدة متداخلة.
وتقيّم المحاكم الدولية السياق لا بوصفه ضجيجا جانبيا، بل بوصفه شبكة قانونية مؤثرة تشكل الطريقة التي يفهم بها الجمهور الخطاب. ويؤكد تكرار هتافات العمالقة في تسجيلات الجنود أن المعنى التدميري للخطاب قد استُقبِل وتَجذَّر وتَحوَّل إلى ممارسة ميدانية. وبذلك يعزز السياق الطابع التحريضي للخطاب، ويبرهن على أن لغة القيادة كانت متشابكة بصورة وثيقة مع الأفعال المرتكبة ضد السكان الأصليين لفلسطين في الممر الممتد بين بئر السبع، غزة، والخليل.
النية.
يمكن استنباط النية في قضايا الإبادة الجماعية من مجمل الظروف، بما في ذلك حجم التدمير، ونمط اختيار الأهداف، واتساق الخطاب، والنتائج المتوقعة المعقولة. وقد أقرت محكمة العدل الدولية في أمرها الصادر في كانون الثاني ٢٠٢٤ بوجود خطر «معقول» للإبادة بما يستدعي إلزام الدولة المدعى عليها بكبح التحريض. وتتضح النية أكثر عبر أنماط العمليات، وأعداد الضحايا المدنيين، وتدمير سجلات العائلات، وفرض ظروف تجويع، والقضاء على مجموعات قرابية كاملة، وهي جميعا أنماط تتوافق مع الدلالة الاستئصالية لمصطلح «العمالقة». وفي ميزان القانون يشكل الربط اللفظي بين جماعة محمية وسردية أمر توراتي بالإبادة، ثم وقوع عمليات قتل واسعة ضد الجماعة ذاتها، دليلا ذا وزن خاص على نية الإبادة.
وفي الحالة الراهنة يمكن استنتاج النية من ثلاثة محاور متكاملة هي: أولا، الاستعمال المتكرر لوصف استئصالي موجه إلى جماعة أصلية محددة الهوية؛ ثانيا، الحملة المتزامنة لنزع الإنسانية عن هذه الجماعة؛ وثالثا، حجم العنف ونمطه بعد إطلاق الخطاب. فقد أزيلت سلالات عائلية كاملة، ودُمِّرت سجلات بلدية توثق البنى القرابية للسكان الأصليين، وقُتل آلاف المدنيين في منازلهم وملاجئهم وأماكن نزوحهم، وأدت ظروف الحصار إلى الموت بالتجويع والمرض وإلحاق أذى جسدي ومعنوي جسيم بالجماعة بصفتها هذه.
ولا يتطلب القانون الدولي إثبات الكراهية الذاتية أو النوايا النفسية الداخلية، بل يبحث عن أدلة على أن الفاعل قصد تدمير جماعة محمية، كليا أو جزئيا، بصفتها هذه. وعندما يطلق كبار المسؤولين على السكان الأصليين لفلسطين وصف «العمالقة»، ويستحضرون سردية أمر بالإبادة، ثم يشرفون على عمليات عسكرية تزيل أقساما واسعة من تلك الجماعة، يتعزز الاستنتاج القانوني بوجود نية إبادية عبر السلوك المشاهد. ولم يكن الاستهداف عشوائيا؛ فقد توافق مع الخطاب، وانصب على البلدات والقرى والأُسر التي حُدِّدت مسبقا بوصفها الامتداد الحي لقبائل كنعانية قديمة، ومنها قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق في بئر السبع وغزة.
الجرائم ضد الإنسانية.
حتى لو لم تُوجَّه تهمة الإبادة الجماعية رسميا، فإن الوقائع نفسها تُكوِّن جرائم ضد الإنسانية بموجب المادة ٧ من نظام روما الأساسي. وينهض الاضطهاد عندما يحدث حرمان جسيم ومتعمد من الحقوق الأساسية على أساس الانتماء القومي أو الإثني، بينما يتحقق الاستئصال عبر القتل الجماعي في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي على المدنيين. ويستهدف استعمال مصطلح العمالقة السكان الأصليين لفلسطين بوصفهم جماعة قومية وإثنية، ويستوفي التدمير اللاحق متطلبات الحجم والسعة. ومن ثم فإن الإطار القانوني يدعم توجيه اتهامات متعددة مستقلة عن تهمة الإبادة الجماعية.
لقد جرى استهداف السكان الأصليين لفلسطين في الممر الممتد بين بئر السبع، غزة، والخليل، بما فيهم قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق، على أساس الهوية والنَسَب والوجود على الأرض الأجدادية. وتعرضت منازلهم، وأرشيفاتهم، وسجلاتهم القائمة على البنية القرابية، وخطوطهم العائلية لهجمات متكررة بطريقة تتسق مع تعريف الاضطهاد والاستئصال. وحتى في غياب حكم نهائي بالإبادة، فإن السلوك الأساسي يشكل هجوما واسعا ومنهجيا موجها ضد مجموعة من السكان المدنيين. ومن ثم يعمل استدعاء «العمالقة» ليس فقط كدليل على نية الإبادة، بل أيضا كعنصر من عناصر جريمتي الاضطهاد والاستئصال ضمن منظومة الجرائم ضد الإنسانية، في مواجهة السكان الأصليين لفلسطين والقبائل الكنعانية المنحدرة، وفي مقدمتها قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق التي تتقدم بهذا التقرير بوصفها طرفا أصيلا في هذه القضية.
٥) الهوية والأنساب والتصنيف للسكان الأصليين
تؤكد قبيلة منصة قبيلة أَبِيمِيليْك أن الجماعات التي سُمّيت بالعمالقة في السجل القديم تشكل جزءا من السلالة الكنعانية التي ينحدر منها السكان الأصليون لفلسطين اليوم في الممر الجنوبي الممتد بين بئر السبع، غزة، والخليل. وبناء على ذلك فإن استدعاء مصطلح العمالقة في الزمن الحاضر ضد الفلسطينيين يوجِّه التسمية صراحة إلى سكان مدنيين من السكان الأصليين لفلسطين من أحفاد الكنعانيين. وهذا الادعاء يتعلق بالتوصيف والتصنيف القانوني لا باللاهوت، إذ يضع الجماعة الموسومة بهذا اللقب داخل السلسلة التاريخية والجغرافية نفسها الممتدة من مجتمعات الكنعانيين في العصر البرونزي إلى عائلات الممر المعاصرة، بما فيها قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق. وبلغة القانون يعني ذلك أنه عندما يستعمل مسؤول رسمي مصطلح العمالقة بوصفه فئة مخصَّصة للتدمير، فإنه لا يتحدث في فراغ أو بصورة تجريدية، بل يحدد جماعة قومية وإثنية ملموسة ذات جذور تاريخية، تدخل في نطاق الجماعات المحمية بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها وبموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وتُظهر الدراسات التركيبية في علم الآثار والوراثة أن هناك استمرارية سكانية في بلاد الشام تمتد زمنا طويلا من جماعات الكنعانيين في العصر البرونزي إلى شعوب بلاد الشام المعاصرة. وتبيّن دراسات الحمض النووي القديم الخاضعة لمراجعة الأقران من موقع صيدون في العصر البرونزي وجود درجة عالية من الاستمرارية مع السكان الحاليين، وتؤكدها مجموعات إضافية من البيانات المستخرجة من جنوب بلاد الشام. وتدعم هذه النتائج فكرة استمرار البنية الديموغرافية الإقليمية عبر آلاف السنين. وبعبارة أخرى لا يظهر هذا الممر في السجل العلمي بوصفه أرضا فارغة تُستبدل ساكنتها مرة بعد أخرى، بل يظهر كحيزا ذي استمرارية ديموغرافية عميقة تنتقل فيه الطبقات القديمة من الأنساب الكنعانية والشامية إلى المجتمعات القائمة اليوم. ومن منظور القانون الدولي يشكل هذا السجل التجريبي أساسا لتصنيف الفلسطينيين، بما فيهم قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق والعائلات المرتبطة بها في الممر، بوصفهم من السكان الأصليين لفلسطين وأعضاء في جماعة قومية وإثنية تاريخية يسبق وجودها بكثير البنية الدولتية القائمة حاليا.
وعندما يطلق المسؤولون على الفلسطينيين وصف العمالقة فهم لا يشيرون إلى عدو توراتي رمزي أو أسطوري أو متخيل. بل يوجِّهون هذا المصطلح بوضوح إلى جماعة حية موجودة على الأرض، ويضعون علامة الاستهداف على أحفاد أوائل سكان هذه المنطقة. وخاصة قبائل الممر الجنوبي، وفي مقدمتها قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق، التي تمثل تاريخيا وديموغرافيا الامتداد المعاصر للجماعات الكنعانية القديمة المتمركزة في حزام النقب، غزة، الخليل. ولهذا فإن استعمال الدولة لمصطلح العمالقة ينطبق مباشرة على الفلسطينيين من السكان الأصليين لفلسطين من أحفاد الكنعانيين، لا على خصم خيالي. وهم أنفسهم الذين تعترف استمراريتهم أبحاث التيار الأكاديمي السائد في مجالات التاريخ والآثار ودراسات السكان. ويقر الباحثون في هذه الحقول بأن الفلسطينيين اليوم ينحدرون من جماعات بلاد الشام الكنعانية التاريخية. ويصرح كثير من العلماء بذلك صراحة في كتاباتهم. وفي سياق هذه المذكرة الموجهة إلى الهيئات الدولية لا تُقدَّم هذه النقاط بوصفها خطابا سياسيا، بل بوصفها دليلا على أن الجماعة المستهدفة بلقب العمالقة هي نفسها جماعة الممر من السكان الأصليين لفلسطين التي تظهر في النصوص التاريخية والطبقات الأثرية والدراسات الجينية. ولهذا فإن هذا اللقب، عندما يُستَخدم كسلاح، يشكل اضطهادا وتحريضا موجها ضد شعب محدد من السكان الأصليين لفلسطين يمكن التعرف عليه بدقة، لا ضد بناء لاهوتي مبهم.
٦) قانون الممر وقَسَم بئر السبع كقاعدة كبح للسكان الأصليين
أقدم قانون علني مدوَّن في الممر هو قَسَم بئر السبع، وهو معاملة قانونية بين أبيمالك حاكم جرار وإبراهيم، جرى تجديدها لاحقا مع إسحاق، اعترفت بحقوق الماء وبمبدأ عدم الاعتداء، وخُتِمت بتقديم سبع نعاج وعهد مقسوم عند البئر. وبصرف النظر عن معتقد كل قارئ فإن السجل النصي يحدد هذا الموقع ويصف المضمون القانوني للعهد، بوصفه اتفاقا مقسما على الكف عن العدوان والعيش المشترك على هذه الأرض. وهذا يجعل بئر السبع ليست مجرد موضع ذي أهمية سردية، بل موقعا موثقا لقانون مبكر في الممر، حيث أبرم حاكم محلي وسلالة رعوية وافدة عهدا رسميا ينظم الوصول إلى الماء ويكرس مبدأ عدم العداء المتبادل. وفي وعي قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق يُحفَظ هذا القَسَم بوصفه أول صياغة مكتوبة لأعراف الممر، حيث يُقسَّم الماء ويُشَارَك بحسب الاتفاق، ويُعتبَر الشركاء في العهد خارج دائرة العنف الاستئصالي وغير جائز استهدافهم.
وعلى مستوى منصة قانونية للسكان الأصليين يعمل هذا القَسَم قاعدة محلية دائمة، فمتى أُبرم العهد أصبحت الروابط مُلزِمة، ولم يعد الجار المعقود معه العهد هدفا مشروعا للهجوم. وهذا القانون المتعلق بالبئر في تراث السكان الأصليين يتناغم مع الحظر الحديث على التحريض والعقاب الجماعي. ولا يُطرَح هنا بوصفه قانونا دوليا وضعيا، بل بوصفه دليلا مؤيدا على قاعدة تاريخية إقليمية للكف عن العدوان تتوافق في روحها مع المعايير المعمول بها اليوم. ولذلك يُستحضَر قَسَم بئر السبع في هذه المذكرة بوصفه جزءا من فقه الممر، أي قاعدة أجدادية تعود إلى اللحظة التي اتفق فيها أبيمالك وإبراهيم على أن من يشتركون في الماء والأرض تحت قسم يبقون في حرم الحماية من الهجوم. وحين يدعو قادة معاصرون إلى تدمير الجماعات التي تعيش على الممر نفسه وهم يستخدمون في الوقت ذاته مصطلحا مثل العمالقة المرتبط تاريخيا بشعوب هذه الأرض، فإنهم لا يكتفون بانتهاك الصكوك المعاصرة مثل اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها ونظام روما الأساسي، بل يعملون أيضا ضد أقدم قانون قَسَم مدوَّن في هذه الرقعة. إن التقاء قانون الممر عند السكان الأصليين لفلسطين مع القانون الدولي الحديث يعزز الاستنتاج بأن هذا النوع من الخطاب التحريضي غير مشروع وغير قانوني في آن معا، على مستوى الأعراف الأجدادية وعلى مستوى المنظومة الدولية المعاصرة.
٧) العواقب القانونية والواجبات
التحريض جريمة يعاقب عليها حتى لو لم تُستكمَل جريمة الإبادة الجماعية. تلتزم الدول الأطراف في الاتفاقيات الدولية بمنع ومعاقبة التحريض المباشر والعلني على الإبادة الجماعية وفقا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، ولا سيما أحكام المادة الأولى والمادة الثالثة الفقرة ج. ويتحمل القادة، وقادة الوحدات، وأصحاب المنابر الإعلامية والسياسية مسؤولية جنائية فردية محتملة بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ولا سيما أحكام المادة ٢٥ الفقرة ٣ البند هـ. ويفيد ذلك أن النظام القانوني الدولي لا ينتظر اكتمال التدمير المادي للجماعة كي يعترف بوقوع جريمة، بل يكفي أن يتجاوز الخطاب العلني الخط الفاصل إلى التحريض المباشر والعلني، وخاصة إذا صدر عن مسؤولين كبار يملكون سلطة على القوات المسلحة، حتى تنطلق فورا الالتزامات المتعلقة بالمنع والعقاب. وبالنسبة لمجتمعات الممر من السكان الأصليين لفلسطين، بما فيها قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق، تمثل هذه القاعدة جوهر الوظيفة الوقائية للقانون، إذ تجعل من تسليح اللغة وتحويلها إلى أداة قتل مسألة تخضع للمساءلة الجنائية.
التحكم القضائي المؤقت. أوامر التدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية في كانون الثاني وآذار وأيار ٢٠٢٤ تلزم إسرائيل بقمع التحريض، وحفظ الأدلة، وتيسير سبل الإنصاف. ويفيد استمرار استعمال الأوصاف الاستئصالية بعد هذه الأوامر على احتمال عدم الامتثال. فبعد أن حدّدت محكمة العدل الدولية وجود خطر معقول بوقوع إبادة جماعية، وألزمت إسرائيل بمنع ومعاقبة التحريض المباشر والعلني، تغيّر الوضع القانوني للخطاب الذي يستعمل مصطلحات من نمط العمالقة. ولم يعد مجرد خطاب سياسي مثير للجدل، بل أصبح معيارا لاختبار مدى احترام أمر ملزم صادر عن الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة. ومن ثم فإن استمرار استعمال الأوصاف الاستئصالية في مواجهة هذه الأوامر لا يعد تحريضا جديدا فحسب، بل يشكل أيضا دليلا على الإخفاق في الالتزام بتدابير المنع التي فرضتها المحكمة.
مخاطر مرحلة الفصل في الأساس الموضوعي للدعوى. يؤدي تقرير لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة الصادر سنة ٢٠٢٥ والقاضي بوقوع جريمة إبادة جماعية إلى زيادة حجم التعرض القانوني المرتبط بخطاب القيادات، لأنه يربط الكلام بأنماط فعلية من الأفعال المرتكبة على نطاق واسع. ويبرز مسار المحكمة الجنائية الدولية، من خلال طلبات إصدار مذكرات توقيف في أيار ٢٠٢٤، المحور الخاص بالمسؤولية الفردية. فعندما تعلن لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة عن وجود إبادة جماعية، فإنها تربط بأثر رجعي الخطاب المحرض بسجل موثق من القتل والتدمير والاضطهاد. وعند هذه النقطة لا تعود العبارات التي تستحضر العمالقة قابلة للتقييم بمعزل عن غيرها، بل تُوضَع داخل سجل ثبت فيه رسميا وقوع أذى إبادي. وفي الوقت ذاته توضح مساعي إصدار مذكرات التوقيف أمام المحكمة الجنائية الدولية أن قادة بعينهم معرضون شخصيا للمساءلة. وبالنسبة لمنصة قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق يمثل اجتماع عاملين، هما تقرير اللجنة ومسار المحكمة الجنائية الدولية، انتقالا من مرحلة الإنذار المبكر إلى حالة طوارئ قانونية كاملة، إذ يصبح شعب الممر من السكان الأصليين لفلسطين في مواجهة قيادة باتت كلماتها وأفعالها تقع في صميم أطر الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.
٨) سبل الانتصاف المطلوبة
حظر فوري، بقرارات تصدر عن الدولة وبسياسات المنصات الإعلامية والرقمية، لأي استعمال رسمي لمصطلح العمالقة في وصف الفلسطينيين أو في توجيه العمليات؛ مع إلزام بسحب التصريحات التحريضية السابقة وإحالة المخالفين إلى المساءلة التأديبية والجنائية. يعالج هذا العلاج الأول مجرى التحريض من منبعه، إذ يطالب السلطات العامة والهياكل القيادية بأن تتعامل مع مصطلح العمالقة عندما يوجَّه إلى الفلسطينيين بوصفه لغة ملوثة قانونيا، أي تعبيرا لا يجوز استعماله شرعا كإشارة عملياتية ولا كصفة للسكان المدنيين المحميين. وتشكل السحوبات العلنية والإحالات إلى التحقيق والعقاب جزءا ضروريا لإثبات أن الدولة تستوعب خطورة هذا السلوك ومستعدة لتطبيق القانون داخليا بدلا من توفير الحماية للمحرضين وإعفائهم من المسؤولية.
شهادة التزام موجهة إلى محكمة العدل الدولية تتضمن عرضا للتدابير الملموسة المتخذة لمنع ومعاقبة التحريض، وإجراءات حفظ الأدلة، وبرامج التدريب الموجهة للقيادات والرتب المختلفة. يربط هذا العلاج بين التدابير الداخلية وبين الإطار الإشرافي الدولي القائم بالفعل. فشهادة الالتزام لا تعني مجرد تصريح سياسي، بل تقتضي تقارير تفصيلية عن الخطوات المتخذة لتنفيذ أحكام المادة الأولى والمادة الثالثة الفقرة ج من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وعن كيفية امتثال الدولة لأوامر التدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية. وبالنسبة لمجتمعات الممر من السكان الأصليين لفلسطين، بما في ذلك قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق، يفتح ذلك قناة مساءلة خارجية تساعد على ضمان ألا تكون الإصلاحات شكلية أو تجميلية.
اعتراف علني بأن استعمال مصطلح العمالقة في وصف الفلسطينيين يستهدف في الواقع جماعة سكانية من أحفاد الكنعانيين في الممر ويشكل اضطهادا وتحريضا. يتصل هذا العلاج بحقيقة الوقائع وبالتصنيف القانوني للجماعة المستهدفة، إذ يطالب المؤسسات الدولية والداخلية بالاعتراف بأن لقب العمالقة، في الظروف الراهنة، يوجَّه إلى الأحفاد الأحياء لشعوب الممر الكنعانية الشامية، لا إلى فئة تجريدية. ولهذا الاعتراف تبعات قانونية، لأنه يؤطر الاستعمال السابق بوصفه اضطهادا وتحريضا، ويقيم حاجزا معياريا أمام تكراره في المستقبل.
إطار تعويضات متسق مع القانون الدولي يشمل وقف الانتهاكات، وضمانات عدم تكرارها، وتخليدا تقوده المجتمعات نفسها يقر بإساءة استعمال اللغة الدينية لتبرير الأذى. ينظر هذا العلاج الأخير إلى ما هو أبعد من ضبط الخطاب فورا ليركز على جبر الضرر على المدى البعيد. فالوقف وضمانات عدم التكرار مكونان أساسيان لمسؤولية الدولة في القانون الدولي. أما التخليد الذي تقوده المجتمعات المتضررة فيكفل أن تكون الشعوب المستهدفة، وفي مقدمتها قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق والعائلات المرتبطة بها في الممر، هي التي تحدد كيفية تذكر هذه المرحلة. وبذلك يربط إطار التعويض بين جبر الضرر القانوني ووكالة السكان الأصليين لفلسطين، ويسجل أن مصطلح العمالقة استُخدم سلاحا ضد الشعوب ذاتها التي تشير نصوص الممر وقوانينه الأجدادية إلى رسوخ وجودها في هذه الأرض.
٩) التعامل مع الأدلة وخطة التنفيذ
سلسلة الحيازة. أرشفة الصفحات الرسمية على شبكة الإنترنت التي تتضمن البيانات والخطابات والرسائل، واستخراج البصمات الرقمية والتواريخ الزمنية لها، وحفظ مقاطع الفيديو التي توثق انتشار خطاب العمالقة في صفوف القوات، وتجميع الترجمات المحلَّفة، وإنشاء مستودعات بيانات مزودة بضوابط وصول. تهدف خطة سلسلة الحيازة هذه إلى تلبية المعايير الإثباتية في الإجراءات الدولية ومنع أي إنكار لاحق أو العبث بالمواد. فإدخال الصفحات والرسائل الرسمية في الأرشيف مع بصمات رقمية يمكن التحقق منها يخلق سجلا موثوقا بأن هذه العبارات قد نُشرت فعلا. وحفظ مقاطع الفيديو التي تُظهر كيف انتشر خطاب العمالقة في صفوف الرتب العسكرية يوثِّق مسار الانتقال من كلام القيادة إلى ممارسات الجنود. وتضمن الترجمات المحلَّفة أن المحاكم التي لا تعمل بالعبرية تستطيع تقييم المضمون مباشرة. أما المستودعات ذات ضوابط الوصول فتوفر حماية للمواد الحساسة مع إمكان إتاحتها للجهات المختصة عند الطلب.
مرتكزات المعاهدات. إرفاق نسخ مصدقة أو مقتطفات معتمدة من نص المادة الثالثة الفقرة ج من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، ومن المادتين ٧ و٢٥ من نظام روما الأساسي، بكل مذكرة أو طلب يقدم. يضمن هذا الإجراء أن يستند كل إيداع إلى نصوص المعاهدات ذاتها التي تجرم التحريض وتعرِّف الجرائم ضد الإنسانية. وعندما توضع أحكام المعاهدات جنبا إلى جنب مع العبارات المقتبسة في الملف، يتضح أن القضية لا تتعلق بأخلاقيات مجردة بل بالتزامات محددة وملزمة. وبالنسبة لمنصة قبيلة أَبِيمِيليْك يعزز ذلك أيضا أن مطالب الممر من السكان الأصليين لفلسطين تستند إلى الأدوات القانونية نفسها التي صادقت عليها الدول.
ملاحق قضائية. إرفاق مقتطفات مصدقة من أوامر محكمة العدل الدولية الصادرة في ٢٦ كانون الثاني و٢٨ آذار و٢٤ أيار ٢٠٢٤، ومن البلاغ الإعلامي الصادر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بشأن تقرير لجنة التحقيق لسنة ٢٠٢٥. توثِّق هذه الملاحق أن أعلى محكمة عالمية، ومعها منظومة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، قد اعترفت بالفعل بوجود خطر معقول بوقوع إبادة جماعية ثم بوجود نتيجة إبادة جماعية في غزة. ومن خلال إلحاق هذه المواد بملفات منصة قبيلة أَبِيمِيليْك، تُربَط السجلات الإثباتية الخاصة بالممر بما صدر من قرارات قضائية وشبه قضائية قائمة. ويُظهر هذا الارتباط أن شكوى السكان الأصليين لفلسطين في الممر ليست حالة معزولة، بل جزء من بنية أوسع من الإنذار الدولي والتحرك القانوني.
المركز القانوني للسكان الأصليين لفلسطين. إرفاق ملف موجز عن الممر يتضمن نصوص قَسَم بئر السبع مع الإشارات المرجعية المناسبة، وخريطة للممر توضح امتداده بين بئر السبع وغزة والخليل بوصفه مجالا أجداديا للقبيلة، وأسماء البيوت والقبائل حيث يكون الإفصاح مناسبا، وملخصا لأبحاث الاستمرارية التي تخضع لمراجعة الأقران وتربط الأنساب الكنعانية بسكان الممر المعاصرين. يشكل هذا الملف سجل الصفة للسكان الأصليين لفلسطين، إذ يعرض قَسَم بئر السبع بوصفه قانون الممر، ويرسم الممر باعتباره فضاء القبيلة الأجدادي، ويُظهِر السلاسل النَسَبية التي تُذكَر حيث يكون ذلك آمنا، ويقدم خلاصة للمنح الدراسية التي تثبت استمرارية السلالة الكنعانية في شعوب الممر اليوم. وباجتماع هذه العناصر يثبت أن قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق ليست تسمية مستحدثة، بل جماعة من السكان الأصليين لفلسطين في الممر لها وجود تاريخي ونصي وعلمي موثق، وتتمتع بالحق في الحماية وسبل الانتصاف المطلوبة.
١٠) النتائج
الوقائع.
أطلق مسؤولون إسرائيليون كبار علنا وصف العمالقة على الفلسطينيين أثناء توجيه العمليات العسكرية، وكرروا هذه التسمية في رسالة مكتوبة موجهة إلى الجنود، واستعملوا لغة تجريد من الإنسانية، ثم انتشر هذا الخطاب بين الجنود في الميدان. ويستند هذا الاستنتاج الوقائعي إلى سجلات حكومية موثقة، وتغطيات إعلامية، وأدلة بصرية تبين أن وصف العمالقة والألفاظ المتصلة به لم يكن هامشيا ولا سريا، بل ظهر في خطب رسمية، وعلى منصات تابعة للدولة، وفي مراسلات مكتوبة إلى الوحدات القتالية، ثم تردد صداه في هتافات الجنود وسلوكهم في الخطوط الأمامية. وعند أغراض هذا التقرير، فإن تسلسل الوقائع، من خطاب القادة، إلى الأوامر المكتوبة، إلى تلقف الجنود لها، يشكل العمود الفقري لسلسلة التحريض.
القانون.
تفي هذه الأقوال بعناصر الجريمة الجوهرية للتحريض المباشر والعلني، وتسهم في تكوين جرائم ضد الإنسانية عندما تُقرن بحجم الهجوم ونمطه. ووفقا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن اجتماع لغة استئصالية، مع نشر علني واسع، تلاه إيقاع أذى جسيم على نطاق واسع، يحقق عناصر المباشرة والعلنية والنية والسياق. وعند قياس مضمون الإشارات إلى العمالقة وتوقيتها ونمط استعمالها أثناء هجوم قائم أصلا على سكان مدنيين، في ضوء السوابق الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية لرواندا وغيرها، يتضح أن هذه الأقوال تنسجم مع الأنماط المألوفة للخطاب المحرض في قضايا إبادة واضطهاد سابقة.
الاستمرارية الأصلية.
السكان الأصليون لفلسطين في الممر الجنوبي بين بئر السبع وغزة والخليل، ومن بينهم قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق، وقبيلة البراهمية، وقبيلة الزماعرة، والعائلات المتصلة بهم، هم الامتداد الحي للشعوب الكنعانية القديمة في هذه الأرض. وعندما يُستخدم وصف العمالقة ضدهم فإن الكلمة تصبح أداة تصويب على هؤلاء بالذات الذين تشير النصوص والمصادر إلى وجودهم الأجدادي هنا، فتحول الكلمة إلى جهاز استهداف. ويجمع هذا الاستنتاج بين المعطيات التاريخية والأثرية والوراثية وقانون الممر، ويخلص إلى أن الفئة المستهدفة بالوصف ليست مجرد جماعة محمية في لغة المعاهدات المجردة، بل هي ذاتها جماعة الممر من السكان الأصليين لفلسطين الذين سجلت عند بئر السبع شريعتهم القائمة على القسم، والذين تعترف الدراسات المعاصرة باستمراريتهم. ولهذا السبب يعمل الوصف، عندما يُسلَّح سياسيا وعسكريا، كأداة استهداف قانونية لشعب أصلي محدد، لا كعبارة خطابية عابرة.
الواجب.
بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وبموجب نظام روما الأساسي، يجب إيقاف هذا الخطاب التحريضي ومعاقبة أصحابه، وحماية الضحايا وجبر ضررهم. وقد أوجبت أوامر التدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية بالفعل كبح هذا الخطاب، بينما يضاعف تقرير لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة الصادر سنة ٢٠٢٥ من مستوى الإلحاح. ويجمع هذا الاستنتاج الأخير بين الالتزام القانوني والإلحاح الزمني، إذ إن وجود تدابير مؤقتة من محكمة العدل الدولية يعني أن كبح التحريض لم يعد خيارا سياسيا بل صار واجبا قضائيا ملزما. ويجعل تقرير الإبادة الجماعية ومسار الملاحقة أمام المحكمة الجنائية الدولية المخاطر أشد وضوحا، ويظهر الحاجة إلى تدابير فورية ملموسة. وبالنسبة لمنصة قبيلة أَبِيمِيليْك والشعوب الأخرى في الممر من السكان الأصليين لفلسطين، يمثل هذا النقطة التي يلتقي فيها القانون مع البقاء، إذ إن واجب التصدي للمحرضين أصبح في آن واحد التزاما تعاقديا واستجابة لأزمة حماية مستمرة تهدد وجود شعب أصلي في أرضه.
أفكار ختامية.
مصطلح العمالقة لا يمكن أن يتحول إلى ترخيص بالقتل. ففي القانون الدولي، يصبح هذا المصطلح خطابا تحريضيا عندما يُستعمل لوَسْم جماعة مدنية محمية بهدف استهدافها. وفي ذاكرة قبيلتنا هو كلمة نسب، تشير إلى سلاسل أجداد في الممر الجنوبي، بئر السبع، غزة، الخليل، حيث لا يزال شعبنا يعيش ويحافظ على قانون القسم عند البئر، قانون حقوق الماء، وعدم الاعتداء، والعهود المُصانة. ويتفق الإطاران، قانون العصر الحديث وقانون السكان الأصليين لفلسطين في الممر، على قاعدة تشغيلية واحدة: لا سلطة عمومية تملك أن تأمر أو تشجع على تدمير عائلاتنا بشعار مأخوذ من نص مقدس. فالسجل القانوني، والمعاهدات، والأوامر القائمة سلفا، تفرض المنع والعقاب وجبر الضرر، الآن. ومن هذه الزاوية فإن منصة قبيلة أَبِيمِيليْك لا تطلب حقوقا جديدة، بل تطالب بإنفاذ الحقوق القائمة فعلا. إن الممر الذي سُجِّل فيه أول عهد كف عن العدوان بين أبيمالك وإبراهيم، هو ذاته المكان الذي يجب أن يُفرض فيه قيد الكف عن العدوان من جديد بواسطة الآليات القانونية الدولية لحماية أحفاد الذين أقسموا عند ذلك البئر.
ومن منظور الهوية الأصلية، فإن استعمال وصف العمالقة ضد الفلسطينيين في الممر هو عدوان على النسب والذاكرة بقدر ما هو عدوان على الحياة. فهو يسلح كلمة تشير في تقليدنا إلى أجداد كنعانيين وشعوب الممر، ويحوِّل علامة أجدادية إلى حكم بالإعدام. ومن منظور القانون الدولي، يشكل الاستعمال نفسه تحريضا مباشرا وعلنيا على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، ويسهم في تكوين جريمتي الاضطهاد والإبادة بصيغتهما كجرائم ضد الإنسانية. ويؤدي تلاقي هذين المنظورين، قانون القسم عند البئر وقانون منع الإبادة الجماعية على المستوى العالمي، إلى نتيجة واحدة واضحة: يجب حظر هذا الخطاب، ومحاسبة أصحابه، والاعتراف بأضراره وجبرها. ومن ثم تقدم منصة قبيلة حَسَنات أَبُومُعَيلق هذا التقرير بوصفه بيانا قانونيا وإعلانا من السكان الأصليين لفلسطين بأن شعوب الممر لن تقبل أن تُسمى باسم الإبادة بكلمتها الأجدادية نفسها.
أفكار ختامية
لا يمكن أن تتحول كلمة العمالقة إلى ترخيص بالقتل. في القانون الدولي تُعد هذه الكلمة خطابا تحريضيا عندما تُستعمل لوَسْم جماعة مدنية محمية بهدف استهدافها. وفي ذاكرتنا القبلية هي كلمة نسب في الممر الجنوبي، بئر السبع، غزة، الخليل، حيث ما زال شعبنا يعيش ويحفظ قانون القسم القديم عند البئر، قانون حق الماء، وعدم الاعتداء، والعهود المصونة. ويتفق الإطاران، قانون العصر الحديث وقانون السكان الأصليين في الممر، على قاعدة واحدة مفادها أن أية سلطة عامة لا تملك أن تأمر أو تشجع على تدمير عائلاتنا بشعار مأخوذ من نص مقدس. والسجل القانوني، والمعاهدات، والأوامر القائمة سلفا تفرض المنع والعقاب وجبر الضرر، الآن. ومن هذه الزاوية لا تطلب منصة قبيلة أَبِيمِيليْك حقوقا جديدة، بل تطالب بإنفاذ الحقوق القائمة فعلا. فالممر نفسه الذي سُجِّل فيه أول عهد كف عن العدوان بين أبيمالك وإبراهيم هو اليوم المسرح الذي يجب أن يُعاد فيه فرض ذلك الكف عن العدوان عبر الآليات القانونية الدولية، لحماية أحفاد الذين أقسموا عند البئر.
ومن منظور الهوية الأصلية، فإن استعمال وصف العمالقة ضد الفلسطينيين في الممر هو عدوان على النسب والذاكرة بقدر ما هو عدوان على الحياة، لأنه يسلِّح كلمة تشير في تقليدنا إلى أجداد كنعانيين وشعوب الممر، ويحوِّل علامة أجدادية إلى حكم بالإعدام. ومن منظور القانون الدولي يشكل هذا الاستعمال نفسه تحريضا مباشرا وعلنيا على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، ويسهم في تكوين جريمتي الاضطهاد والإبادة بصيغتهما كجرائم ضد الإنسانية. ويلتقي هذان المنظوران، قانون البئر عند السكان الأصليين وقانون منع الإبادة الجماعية على المستوى العالمي، في نتيجة واحدة واضحة مفادها أن هذا الخطاب يجب أن يُحظر، وأن يُحاسَب أصحابه، وأن يُعترَف بأضراره وتُجبَر. لذلك ترفع منصة قبيلة أَبِيمِيليْك هذا التقرير بوصفه في آن واحد مذكرة قانونية وإعلانا صادرا عن السكان الأصليون لفلسطين في الممر بأن شعوب هذا الممر لن تقبل أن تُسمى باسم الإبادة بكلمتها الأجدادية نفسها.
قائمة المراجع (مع الروابط الإلكترونية)
القسم ١ – المقدمة وغاية المذكرة
[١٫١] اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، المعتمدة في ٩ كانون الأول/ديسمبر ١٩٤٨، والمسجلة في المجلد ٧٨ من سلسلة معاهدات الأمم المتحدة، الصفحة ٢٧٧؛ النص الرسمي متاح على الرابط:
https://treaties.un.org/doc/Treaties/1951/01/19510112%2008-12%20PM/Ch_IV_1p.pdf[١٫٢] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، المعتمد في ١٧ تموز/يوليو ١٩٩٨ (ودخل حيز النفاذ في ١ تموز/يوليو ٢٠٠٢)، متاح على الرابط:
https://www.icc-cpi.int/sites/default/files/RS-Eng.pdf[١٫٣] إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، قرار الجمعية العامة رقم ٦١/٢٩٥ المؤرخ في ١٣ أيلول/سبتمبر ٢٠٠٧؛ النص الرسمي (باللغة الإنجليزية) متاح على الرابط:
https://digitallibrary.un.org/record/638370/files/Declaration_indigenous_en.pdf[١٫٤] مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، صفحة «إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية» (عرض أداة دولية)، متاحة على الرابط:
https://www.ohchr.org/en/instruments-mechanisms/instruments/united-nations-declaration-rights-indigenous-peoples[١٫٥] سكورتانيُوتي وآخرون، «التاريخ الجينومي لجنوب المشرق في العصر البرونزي»، مجلة «سيل» (٢٠٢١)، صفحة المقال على «ساينس دايركت»:
https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0092867421006699
القسم ٢ – التسلسل الزمني للتحريض العلني والانتشار والإنكار
[٢٫١] وكالة «رويترز»، تقرير بعنوان «نتنياهو يستحضر العمالقة التوراتيين في معركة إسرائيل ضد حماس»، ٢٩ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢٣، متاح على الرابط:
https://www.reuters.com/world/middle-east/netanyahu-evokes-biblical-amalek-israels-fight-against-hamas-2023-10-29/[٢٫٢] صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، تدوينة مباشرة بعنوان «وزير الدفاع يعلن فرض حصار كامل على غزة: لا كهرباء ولا طعام ولا وقود»، مقتبس فيها تصريح يوآف غالانت، ٩ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢٣، متاحة على الرابط:
https://www.timesofisrael.com/liveblog_entry/defense-minister-announces-complete-siege-of-gaza-no-power-food-or-fuel/[٢٫٣] مقالة «يوآف غالانت» في موسوعة «ويكيبيديا»، بوصفها سجلا تجميعيا عاماً للاقتباس المتعلق بعبارة «حيوانات بشرية» ولسياق إعلان الحصار، متاحة على الرابط:
https://en.wikipedia.org/wiki/Yoav_Gallant[٢٫٤] مقالة «قطاع غزة» في موسوعة «ويكيبيديا» لتوفير خلفية عن الحصار والسياق الإنساني في أواخر عام ٢٠٢٣–٢٠٢٤، متاحة على الرابط:
https://en.wikipedia.org/wiki/Gaza_Strip[٢٫٥] محكمة العدل الدولية، «تطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة (جنوب أفريقيا ضد إسرائيل)»، صفحة القضية (الأوامر والمرافعات والبيانات الصحفية)، متاحة على الرابط:
https://www.icj-cij.org/case/192[٢٫٦] «تطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة (جنوب أفريقيا ضد إسرائيل)»، أمر مؤرخ في ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤، معاد نشره على موقع الأمم المتحدة – سؤال فلسطين، متاح على الرابط:
https://www.un.org/unispal/document/icj-order-gaza-genocide-covention-28mar24/[٢٫٧] مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، «بيان المدعي العام كريم أ. أ. خان: طلب أوامر توقيف في الحالة في دولة فلسطين»، ٢٠ أيار/مايو ٢٠٢٤، كما أعيد نشره على موقع الأمم المتحدة – سؤال فلسطين، متاح على الرابط:
https://www.un.org/unispal/document/icc-prosecutor-karim-a-a-khan-kc-requests-arrest-warrants-in-relation-to-the-situation-in-the-state-of-palestine/[٢٫٨] مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، بيان صحفي بعنوان «لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة: إسرائيل ارتكبت جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة»، ١٢ حزيران/يونيو ٢٠٢٥، متاح على الرابط:
https://www.ohchr.org/en/press-releases/2025/06/israel-has-committed-crime-genocide-against-palestinians-gaza-says-un
القسم ٣ – القانون الحاكم
[٣٫١] اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، كما في المرجع [١٫١]:
https://treaties.un.org/doc/Treaties/1951/01/19510112%2008-12%20PM/Ch_IV_1p.pdf[٣٫٢] اللجنة الدولية للصليب الأحمر، «المعاهدات والأطراف والتعليقات – اتفاقية الإبادة الجماعية ١٩٤٨»، في قاعدة بيانات القانون الدولي الإنساني، متاح على الرابط:
https://ihl-databases.icrc.org/en/ihl-treaties/genocide-convention-1948[٣٫٣] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، النسخة الرسمية بصيغة «بي دي إف»، كما في [١٫٢]:
https://www.icc-cpi.int/sites/default/files/RS-Eng.pdf[٣٫٤] إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية (النص الكامل)، كما في [١٫٣]:
https://digitallibrary.un.org/record/638370/files/Declaration_indigenous_en.pdf[٣٫٥] صفحة مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الخاصة بإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، كما في [١٫٤]:
https://www.ohchr.org/en/instruments-mechanisms/instruments/united-nations-declaration-rights-indigenous-peoples[٣٫٦] محكمة العدل الدولية، صفحة قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل (لأوامر التدابير المؤقتة والمرافعات)، كما في [٢٫٥]:
https://www.icj-cij.org/case/192
القسم ٤ – تطبيق القانون على الوقائع
[٤٫١] «تطبيق اتفاقية الإبادة الجماعية في قطاع غزة (جنوب أفريقيا ضد إسرائيل)»، أمر التدابير المؤقتة المؤرخ في ٢٦ كانون الثاني/يناير ٢٠٢٤، من خلال صفحة القضية في موقع محكمة العدل الدولية (تبويب الأوامر)، متاح على الرابط:
https://www.icj-cij.org/case/192[٤٫٢] «تطبيق اتفاقية الإبادة الجماعية في قطاع غزة (جنوب أفريقيا ضد إسرائيل)»، أمر التدابير المؤقتة الإضافية المؤرخ في ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤، كما في [٢٫٦]:
https://www.un.org/unispal/document/icj-order-gaza-genocide-covention-28mar24/[٤٫٣] «تطبيق اتفاقية الإبادة الجماعية في قطاع غزة (جنوب أفريقيا ضد إسرائيل)»، أمر مؤرخ في ٢٤ أيار/مايو ٢٠٢٤ يتضمن تدابير مؤقتة إضافية، متاح عبر قائمة الأوامر في صفحة القضية نفسها:
https://www.icj-cij.org/case/192[٤٫٤] مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، بيان طلب أوامر التوقيف في الحالة في دولة فلسطين، ٢٠ أيار/مايو ٢٠٢٤، كما في [٢٫٧]:
https://www.un.org/unispal/document/icc-prosecutor-karim-a-a-khan-kc-requests-arrest-warrants-in-relation-to-the-situation-in-the-state-of-palestine/[٤٫٥] مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، البيان الصحفي للجنة التحقيق بشأن جريمة الإبادة الجماعية، كما في [٢٫٨]:
https://www.ohchr.org/en/press-releases/2025/06/israel-has-committed-crime-genocide-against-palestinians-gaza-says-un[٤٫٦] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (للمواد ٦ و٧ و٢٥(٣)(هـ))، كما في [١٫٢]:
https://www.icc-cpi.int/sites/default/files/RS-Eng.pdf
القسم ٥ – الهوية الأصلية والتصنيف الأجدادي
[٥٫١] سكورتانيُوتي وآخرون، «التاريخ الجينومي لجنوب المشرق في العصر البرونزي»، مجلة «سيل» (٢٠٢١)، صفحة المقال على «ساينس دايركت»:
https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0092867421006699[٥٫٢] إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، كما في [١٫٣]:
https://digitallibrary.un.org/record/638370/files/Declaration_indigenous_en.pdf[٥٫٣] صفحة مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الخاصة بإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، كما في [١٫٤]:
https://www.ohchr.org/en/instruments-mechanisms/instruments/united-nations-declaration-rights-indigenous-peoples
القسم ٦ – قانون الممر: عهد بئر السبع كقاعدة كبح أصلية
[٦٫١] نص سفر التثنية الإصحاح ٢٥ الآية ١٧ («اذكر ما فعله بك العمالقة»)، من موقع «بايبل غيتواي»، متاح على الرابط:
https://www.biblegateway.com/passage/?search=Deuteronomy+25%3A17&version=NRSVUE[٦٫٢] نص سفر صموئيل الأول الإصحاح ١٥ (سرد أمر استئصال العمالقة)، من موقع «بايبل غيتواي»، متاح على الرابط:
https://www.biblegateway.com/passage/?search=1+Samuel+15&version=NRSVUE[٦٫٣] سفر التكوين ٢١: ٢٢–٣٤ (عهد بئر السبع بين أبيمالك وإبراهيم)، من موقع «بايبل غيتواي»، متاح على الرابط:
https://www.biblegateway.com/passage/?search=Genesis+21%3A22-34&version=NRSVUE[٦٫٤] سفر التكوين ٢٦: ٢٦–٣٣ (تجديد عهد بئر السبع مع إسحاق)، من موقع «بايبل غيتواي»، متاح على الرابط:
https://www.biblegateway.com/passage/?search=Genesis+26%3A26-33&version=NRSVUE
القسم ٧ – النتائج القانونية والواجبات
[٧٫١] اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، كما في [١٫١] (لأحكام المسؤولية الواجبة على الدول وواجبَي المنع والمعاقبة):
https://treaties.un.org/doc/Treaties/1951/01/19510112%2008-12%20PM/Ch_IV_1p.pdf[٧٫٢] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (المواد ٦ و٧ و٢٥(٣)(هـ) بشأن المسؤولية الجنائية الفردية عن التحريض)، كما في [١٫٢]:
https://www.icc-cpi.int/sites/default/files/RS-Eng.pdf[٧٫٣] اللجنة الدولية للصليب الأحمر، «المعاهدات والأطراف والتعليقات – اتفاقية الإبادة الجماعية ١٩٤٨» (لأغراض الممارسة الدولية والتعليق على واجبات المنع والمعاقبة)، كما في [٣٫٢]:
https://ihl-databases.icrc.org/en/ihl-treaties/genocide-convention-1948[٧٫٤] محكمة العدل الدولية، صفحة قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بما في ذلك أوامر التدابير المؤقتة (كانون الثاني/يناير وآذار/مارس وأيار/مايو ٢٠٢٤)، كما في [٢٫٥]:
https://www.icj-cij.org/case/192[٧٫٥] مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، البيان الصحفي للجنة التحقيق بشأن جريمة الإبادة الجماعية، كما في [٢٫٨]:
https://www.ohchr.org/en/press-releases/2025/06/israel-has-committed-crime-genocide-against-palestinians-gaza-says-un[٧٫٦] إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية (لأحكام المواد ٧ و٨ و١٠ حول الإبادة، والنقل القسري، وسلامة البنية الديمغرافية للشعوب الأصلية)، كما في [١٫٣]:
https://digitallibrary.un.org/record/638370/files/Declaration_indigenous_en.pdf
القسم ٨ – سبل الانتصاف المطلوبة (دلالية)
[٨٫١] اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (مسؤولية الدولة وواجبات المنع والمعاقبة)، كما في [١٫١]:
https://treaties.un.org/doc/Treaties/1951/01/19510112%2008-12%20PM/Ch_IV_1p.pdf[٨٫٢] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (التعاون مع المحكمة والمسؤولية الجنائية الفردية)، كما في [١٫٢]:
https://www.icc-cpi.int/sites/default/files/RS-Eng.pdf[٨٫٣] إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية (أحكام جبر الضرر، وضمانات عدم التكرار، والاعتراف بالمؤسسات الأصلية)، كما في [١٫٣]:
https://digitallibrary.un.org/record/638370/files/Declaration_indigenous_en.pdf[٨٫٤] صفحة مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الخاصة بإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية (لتفسير سبل الانتصاف ومشاركة الشعوب الأصلية)، كما في [١٫٤]:
https://www.ohchr.org/en/instruments-mechanisms/instruments/united-nations-declaration-rights-indigenous-peoples[٨٫٥] صفحة قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل وأوامر التدابير المؤقتة أمام محكمة العدل الدولية (الانتصاف، ووقف الأعمال غير المشروعة، وضمانات عدم التكرار على مستوى الدولة)، كما في [٢٫٥]:
https://www.icj-cij.org/case/192
القسم ٩ – حفظ الأدلة وخطة التنفيذ
[٩٫١] اللجنة الدولية للصليب الأحمر، «المعاهدات والأطراف والتعليقات – اتفاقية الإبادة الجماعية ١٩٤٨» (كنموذج لصيغة الاستشهاد بالمعاهدات وطريقة إرفاقها كملاحق في الملفات القضائية)، كما في [٣٫٢]:
https://ihl-databases.icrc.org/en/ihl-treaties/genocide-convention-1948[٩٫٢] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (الإطار الإجرائي والاختصاصي للملاحقات المبنية على الأدلة)، كما في [١٫٢]:
https://www.icc-cpi.int/sites/default/files/RS-Eng.pdf[٩٫٣] بيان مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بشأن طلب أوامر التوقيف في الحالة في دولة فلسطين (نموذج لكيفية تنظيم مكتب الادعاء للأدلة المتعلقة بالخطاب والحصار والهجمات)، كما في [٢٫٧]:
https://www.un.org/unispal/document/icc-prosecutor-karim-a-a-khan-kc-requests-arrest-warrants-in-relation-to-the-situation-in-the-state-of-palestine/[٩٫٤] بيان مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان للجنة التحقيق (كنموذج لكيفية صياغة سلاسل الحفظ والتعزيز في ما يخص خطاب القيادات)، كما في [٢٫٨]:
https://www.ohchr.org/en/press-releases/2025/06/israel-has-committed-crime-genocide-against-palestinians-gaza-says-un[٩٫٥] الصفحة العامة لقاعدة بيانات القانون الدولي الإنساني لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر «المعاهدات والأطراف والتعليقات» (كنموذج لأسلوب الاستشهاد والملاحق)، متاحة على الرابط:
https://ihl-databases.icrc.org/en
القسم ١٠ – الاستنتاجات
[١٠٫١] وكالة «رويترز»، تقرير نتنياهو حول استحضار العمالقة، كما في [٢٫١] (لإثبات واقعة الاستحضار العلني لكلمة العمالقة أثناء العمليات):
https://www.reuters.com/world/middle-east/netanyahu-evokes-biblical-amalek-israels-fight-against-hamas-2023-10-29/[١٠٫٢] تدوينة «تايمز أوف إسرائيل» المباشرة حول تصريح غالانت عن «الحصار الكامل»، كما في [٢٫٢] (لسياق الحصار وخطاب نزع الإنسانية):
https://www.timesofisrael.com/liveblog_entry/defense-minister-announces-complete-siege-of-gaza-no-power-food-or-fuel/[١٠٫٣] بيان مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان للجنة التحقيق بشأن الإبادة الجماعية (للاستنتاج الرسمي الخاص بجريمة الإبادة وربطها بخطاب القيادات وسياسة الحصار)، كما في [٢٫٨]:
https://www.ohchr.org/en/press-releases/2025/06/israel-has-committed-crime-genocide-against-palestinians-gaza-says-un[١٠٫٤] بيان مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية حول طلب أوامر التوقيف في الحالة في دولة فلسطين (لصياغة نظرية الاضطهاد والإبادة كجرائم ضد الإنسانية)، كما في [٢٫٧]:
https://www.un.org/unispal/document/icc-prosecutor-karim-a-a-khan-kc-requests-arrest-warrants-in-relation-to-the-situation-in-the-state-of-palestine/[١٠٫٥] محكمة العدل الدولية، صفحة قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل وأوامرها (لاستنتاج «خطر الإبادة الجماعية المعقول»، وواجب قمع التحريض، ومسؤولية الدولة)، كما في [٢٫٥]:
https://www.icj-cij.org/case/192[١٠٫٦] سكورتانيُوتي وآخرون، دراسة التاريخ الجينومي لجنوب المشرق في العصر البرونزي (للاستنتاج الخاص باستمرارية العنصر الكنعاني)، كما في [٥٫١]:
https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0092867421006699[١٠٫٧] إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية (لأحكام البقاء، والأرض، والهوية، والحماية من الإبادة والنقل القسري)، كما في [١٫٣]:
https://digitallibrary.un.org/record/638370/files/Declaration_indigenous_en.pdf





